رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٩
بعد وفاة عبد المطلب وعبد الله، حتى بلغ الخامسة والعشرين فزوجه، واستقل محمد (ص) ببيت خاص. ولما شرف الله رسوله بالنبوة وجهر بها، وقف عمه أبو طالب إلى جنبه بكل نفوذه الأدبي وبكل قواه، فحماه، وتصدى لخصومه.
فقد وحد الهاشميين والمطلبيين وشجعهم على حضور أول اجتماع سياسي في دار النبي (ص) بعد قليل من إعلان نبأ النبوة. وهو الذي تصدى لخصوم النبي (ص) في ذلك الاجتماع ولجمهم (1). وهو الذي أرسى قواعد تأييد الهاشميين والمطلبيين للنبي، وإعلان هذين البطنين حمايتهما للنبي ودعوته الخالدة (2). وهو الذي أعلن أمام قريش بأنها إذا قتلت محمدا فإن الهاشميين والمطلبيين سيقاتلون حتى الفناء التام (3). وهو الذي خاطب النبي أمام قريش قائلا: يا بن أخي إذا أردت أن تدعو إلى ربك فأعلمنا متى نخرج معك بالسلاح (4). وهو الذي كان يستقبل بطون قريش ويسمع لمطالبها وينقل رد النبي عليها (5). وهو الذي قدم بنيه للنبي وشجعهم على التضحية بأرواحهم فداء للنبي (6).
وهو الناطق الرسمي باسم النبي عندما أكلت الأرضة صحيفة المقاطعة، وهو الذي قاد عملية الرجوع من الشعب إلى مكة عندما حوصر الهاشميون في شعب أبي طالب (7). وهو شاعر الإسلام وحامي حماه، لذلك فإنك لن تجد عجبا إذا سمى رسول الله العام الذي مات فيه أبو طالب بعام الحزن (8).
حسد قريش ووقوفها ضد النبي ودعوته.
عندما أعلن الرسول الأعظم محمد بن عبد الله الهاشمي (ص) أنباء النبوة والرسالة والكتاب: كانت قريش تتعايش في ظل صيغة سياسية جاهلية قائمة على اقتسام مناصب الشرف ، فكانت السقاية والرفادة لبني هاشم، وهو منصب من أخطر المناصب آنذاك، وكانت القيادة لبني هاشم، وكان اللواء لبني عبد الدار، والسفارة لتيم... إلخ (9).
كانت قريش تشعر بالقلق والحسد من التميز الهاشمي، وتحس بأن هذا التميز يشكل خطرا على الصيغة السياسية، فقد برزت من بني هاشم شخصيات، فرضت نفوذها الأدبي على قريش خاصة والعرب عامة، فكان هاشم سيد قريش حتى مات، ثم صار عبد المطلب

١ - الكامل لابن الأثير ج ٢، ص ٢٤.
٢ - الطبقات الكبرى لابن سعد ج ١، ص ١٨٦.
٣ - الطبقات الكبرى لابن سعد ج ١، ص ١٨٦.
٤ - تاريخ اليعقوبي ج ٢، ص ٢٧.
٥ - رواه ابن إسحاق في سيرته.
٦ - سيرة ابن هشام ج ١، ص ٢٦٥: وتاريخ الطبري ج ٢، ص ٢١٤.
٧ - راجع الغدير ج ٧، ص ٣٠٤ - ٤٠٤.
٨ - تاريخ اليعقوبي ج ٢، ص 35.
9 - راجع تفصيل ذلك في كتاب المواجهة لأحمد حسين يعقوب ص 26 وما فوق.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»