الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٩٤
لهم تعويض مناسب بمثابة كفارة عما ينتظرهم من انتهاك حرمة الأماكن المقدسة فيقال: إن كلا منهم أعطى مائة دينار ذهبي وفرسا عربيا وبغلا لحمل الأمتعة.
وانتظرهم الخوارج في وادي القرى فهزم الخوارج وقتل معظمهم وذلك في أواسط جمادى الأولى سنة 130 (21 يناير سنة 748) ونجا أبو حمزة ومعه ثلاثون رجلا وهرب إلى مكة (1).. فلما بلغ ابن عطية المدينة وجدها نظيفة من الخوارج فالبقية القليلة منهم الذين ظلوا فيها (بقيادة المفضل) قد قضى عليها أهل المدينة وقتلوا منهم أيضا بشكست البرئ الأعزل لما علموا بنتيجة المعركة وذلك في يوم الاثنين التالي (الأغاني) (20 / 109 س 10). أما أبو حمزة فقام يدافع في مكة مرة أخرى. ولكنه لم يشأ أن يتخذ إجراءات شديدة لحماية نفسه من غدر أهل مكة ولهذا كانت مقاومته عبثا فانتصر ابن عطية مرة أخرى وأمر بقتل الاسرى وصلب زعماء الخوارج (ومن بينهم أبو حمزة). وبعد أن أقام مدة طويلة في الطائف هجم على خليفة الخوارج طالب الحق نفسه فهزمه وقتله واستولى على عاصمته صنعاء بعد حصار لم يستمر طويلا واستولى كذلك على حضرموت (2) وحوالي نهاية سنة 130 ه‍ أراد الرجوع إلى مكة بأسرع ما يستطيع ومعه قليل من أصحابه لان الخليفة أسند إليه أمر الحج بالناس وفي أثناء الطريق فاجأه رجلان من بني مراد هما ابنا جمانة حسباه لصا فقتلاه.
ومن هنا نجد أن طائفة الأباضية لم يكن هدفهم - مع طهارتهم وشدة تمسكهم بالدين - أن ينتصروا على جماعة المسلمين بالقوة بل إن يكسبوهم لمذهبهم وكان زوالهم يتبع زوال دولة بني أمية حذو النعل بالنعل.
.

(١) حاولت هنا أن أنسق بين روايتي هارون والمدائني وبينهما خلافات والمدائني يبرز هنا اسم بلج وقد قتل بلج في معركة وادي القرى.
(٢) أورد (الأغاني) (٢٠ / ١١١ وما يليها) مرثية طويلة تنعي من قتل من رؤساء الأباضية مع ذكر أسمائهم. كما أورد أشعارا قالتها مريم زوج أبي حمزة الخارجي وهي تواجه الموت في القتال (ص ١٠٩ س ٢٧ وما يليها) وأشعارا هجائية عن مصرع بشكست السئ الحظ (ص ١١٠ س ٢٠ وما يليها). أما أشعار الانتصار التي قالها أبو صخر (ص 208 س 20 وما يليها ص 111 س 5 وما يليه) فغير موجودة في ديوان الهذليين.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست