التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٩
ويبدو ان خطبة أبي بكر فعلت فعلها في نفوس المجتمعين في السقيفة، وكان حينذاك عمر بذكائه الشديد وشخصيته القوية يبذل جهدا فائقا في استغلال الموقف الذي بدأ يتحول تدريجيا لصالح المهاجرين. فقد أصبح الآن باستطاعة أبي بكر ان يطرح رجلا من تكتله للخلافة وفعل ذلك حين قال: هذا عمر وهذا أبو عبيدة، فأيهما شئتم فبايعوا (1).
ولكن عمر أبى الاستجابة لدعوة أبي بكر وأصر على أن يكون هذا الأخير هو الخليفة.
وثار الجدل من جديد، وفي غمرة ذلك تقدم عمر من أبي بكر قائلا: من ذا ينبغي له أن يتقدمك أو يتولى الامر عليك، ابسط يدك نبايعك (2). وبذلك خرج أبو بكر من السقيفة أول خليفة في الاسلام حائزا على تأييد الأنصار واثنين من زعماء المهاجرين الكبار.
وكانت خلافة أبي بكر أشبه ما تكون بانقلاب سياسي ناجح، فجره تمرد الأنصار في السقيفة، وحوله تكتل المهاجرين إلى مصلحته، دون أن يتاح لفئة مهمة من المسلمين في أن تمارس حقها المشروع في عملية الاختيار. فالظروف التي تمت فيها البيعة، لم تكن في مطلق الأحوال ملائمة

(1) الطبري: 3 / 209.
(2) الطبري: 3 / 209.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»