مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٦٦
انحلال الدولة العباسية.
وقد خصص أبو الفرج الإصفهاني الشطر الأكبر من كتابه المسمى: " مقاتل الطالبيين " بذكر زعماء آل أبي طالب الذين قتلوا في عصور الدولة العباسية عصرا عصرا، وقد ابتدأ بمن قتل منهم في خلافة المنصور الذي بز جميع العباسيين في ذلك، وقد حفلت عصورهم بهذه الاحداث إذا استثنينا عددا قليلا من خلفائهم كالسفاح والأمين والواثق بن المعتصم والمنتصر مالوا إلى محاسنة الطالبيين، وكان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب. قال أبو الفرج الإصفهاني: " بلغ منهم ما لم يبلغ أحد من الخلفاء قبله إلى أن قتل، فعطف عليهم ابنه المنتصر. كان يرى مخالفة أبيه المتوكل، ويظهر ذلك العطف على أهل البيت، فلم يجر عليهم مكروه في خلافته ".
كانت غلظة المتوكل في هذا الباب من الأسباب التي استحل بها ولده المنتصر هدر دمه كما هو معروف وكان المتوكل يكره كل عباسي قبله ظهر منه شئ من الميل إلى آل أبي طالب، وقد روى بعض المؤرخين أن الفقهاء أشاروا على المنتصر بقتل أبيه بعد أن حكي لهم عنه أمورا قبيحة.
ومن الخلفاء العباسيين الذين اقترن تاريخهم بشدة الوطأة على الطالبيين - كما جاء في كتاب المقاتل - المهدي والهادي والرشيد. والمستعين والمعتز والمهتدي وهكذا إلى خلافة المقتدر (295 320)، وحسبك أن مصارع الطالبيين في عصور الخلافة العباسية استوعبت جل كتاب المقاتل على ضخامة حجم الكتاب المذكور.
هذا ويحسن بالمؤرخ في هذا المكان الالمام بتاريخ هذا الخلاف أو النزاع بين أعيان هذين البيتين الهاشميين والوقوف على علله وأسبابه، وذلك على الصورة الآتية.
أصل الدعوة وصبغتها العامة كانت الدعوة إلى انتزاع السلطان من بني أمية هاشمية عامة في أصلها شارك فيها الهاشميون: الطالبيون منهم والعباسيون، وكانت الجمعيات السرية القائمة بها في أواخر عصور الدولة الأموية تتألف من وجوه العلويين و العباسيين، وممن حضرها السفاح والمنصور، وكانت الدعوة تبث أو تعلن بشكل يتناول الهاشميين جميعا، أي ان الدعوة كانت تعلن بالإضافة إلى (آل محمد أو أهل البيت). وقد بويع من بويع من وجوه الفاطميين بالخلافة سرا، بايعه العباسيون أنفسهم ومنهم السفاح والمنصور، فكانت الدعوة الهاشمية في أخريات عصور الدولة الأموية على جانب عظيم من التنظيم والقوة. وقد امتاز الدعاة الهاشميون بدهائهم وخبرتهم الواسعة.
اتجه الدعاة في أول الأمر بعد سبر أحوال بني العباس والمقارنة بينهم وبين الطالبيين إلى تفضيل الطالبيين، ولكن سادات أهل البيت من الطالبيين كانوا على جانب كبير من الورع فلم يعبأوا بالامر، وقد رفض بعضهم مقترحات الدعاة بشأن البيعة، وكان الأمويون على وشك الاستفادة من انقسام الهاشميين لولا أن الدعوة نمت نموا هائلا وسرت سرى النار في الهشيم، وذلك لملائمة البيئة إليها، وهي بيئة مشبعة بالسخط والثورة النفسية على سياسة الأمويين، وهكذا كانت الدولة من نصيب بني العباس.
هذا على أن بعض المؤرخين، وأكثرهم من الفرنجة المستشرقين يغمزون العلويين بالعجز عن انتهاز الفرص، وأن العباسيين فاقوهم بالحزم والمضاء وبعد النظر في هذه الناحية.
والواقع: ان الطالبيين أكرهوا على الثورة في كثير من الأحيان لشدة طلب العباسيين لهم، إلى أن صارت الثورة على حكم العباسيين شعارا لهم كما كانت من قبل على حكم الأمويين. وقد انتهز بعض الطالبيين والعلويين طغيان الموالي والأتراك في الدولة العباسية واضطراب الأمور فيها بعد ذلك فقاموا بثورات عدة وحاولوا الاستقلال بجزء من البلاد الخاضعة للدولة العباسية، وقد نجح بعض زعمائهم في انشاء دولة لهم بطبرستان، وهي الدولة الزيدية العلوية عاشت أكثر من مائة سنة.
عيسى ولي عهد السفاح عقد السفاح ولاية العهد قبيل وفاته سنة 136 لاثنين من العباسيين. أولهما أخوه المنصور وثانيهما ولد أخيه عيسى بن موسى المشار إليه، وقد أخذت البيعة للثاني وهو أمير على الكوفة، ويبدو لنا من التأمل في تاريخ الطبقة الأولى من بني العباس أن صلة عيسى بن موسى بأعمامه كانت صلة وثيقة منذ فجر شبابه. فإنه ترعرع في كنف أعمامه وهو يتيم في الحميمة. وصحبهم بعد ذلك في حلهم وترحالهم. وشاركهم في سرائهم وضرائهم صحب أعمامه في رحلتهم من الحميمة إلى الكوفة وفيهم السفاح والمنصور - بعد حبس إبراهيم الامام في " حران "، وهي رحلة اهتز لها كيان الدولة الأموية. لأن القوم خرجوا متكتمين خائفين إلى أوليائهم وأنصار دعوتهم في الكوفة. حيث ظهر أمرهم وخطب السفاح في الكوفيين وأخذت البيعة له في يوم مشهود.
يغامرون في طلب الحرية وتعد هذه الحركة أو الرحلة - ومردها إلى طغيان الأمويين واضطهادهم للهاشميين - من أشهر المغامرات الجريئة في التاريخ، إذ ما عسى أن تصنع شرذمة عدتها أقل من عشرين في قطر تسيطر عليه جيوش جرارة للأمويين يقودها رؤساؤهم وكبار رجالهم، فهذا مروان بن محمد يطل على العراق من " حران "، وهذا ابن هبيرة أمير العراقين من قبله يدافع عن واسط قلب العراق، ولكنها الحرية يعشقها أقوام، ومن عشق شيئا غامر في سبيله، ولكنه طلب السؤدد لا مناص من المخاطرة فيه، ومن طلب الحسناء لم يغله المهر.
غرابة المغامرة كانت حركة القوم من الحميمة يريدون الكوفة مدعاة للاستغراب، استغرب القيام بها فريق من مشيخة بني العباس أنفسهم، وفي مقدمتهم داود بن علي عم السفاح، وفي هذا الباب يقول هذا الشيخ العباسي الكبير للسفاح: " يا أبا العباس تأتي الكوفة وشيخ بني أمية مروان بن محمد بحران مطل على العراق في أهل الشام والجزيرة، وشيخ العرب ابن هبيرة بالعراق ".
الزعيم أبو سلمة أوقفناك - فيما مر - على رأي داود بن علي عم السفاح في رحلة ابن أخيه، و لننظر الآن إلى رأي الزعيم الكوفي المسؤول عن القيام بالدعوة الهاشمية في المشرق، وهذا الزعيم هو أبو سلمة حفص بن سليمان الخلال أول وزير للسفاح في
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301