مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٣٠٠
امتلأت جورا في حكم الحجاج وزملاء الحجاج، ويقسم بالله على ذلك، ثم نعيش لنرى من لا يتورع عن القول في الحجاج: " انه نشر الأمانة والايمان ". ونكرر القول لهذا القائل: ان عمر بن عبد العزيز أوثق عندنا وعند غيرنا منك!
ولو أردنا نقل ما قاله خيار المسلمين في الحجاج لكان علينا ان نملأ مجلدا ضخما، ولضاقت بانقالنا الصفحات، فهذا مثلا (اليافعي) في كتابه (مرآة الجنان) يذكر موت الحجاج بهذا النص: " أراح الله المسلمين من الحجاج بن يوسف الثقفي في ليلة مباركة ".
ثم عندما يضطر لذكره في مكان آخر يقول: " فقصته السم القاتل والشؤم العاجل ". ثم يقول: " فأراح الله العباد والبلاد من الحجاج وما كان فيه من الافساد ".
ويقول في مكان آخر " أراد الحجاج ان يتشبه بزياد فأهلكه الله ودمره ".
ولا يمر اليافعي في كتابه (مرآة الجنان) بذكر الحجاج الا ويصفه بما هو فيه، ثم يقول: " يخبر عن نفسه ان أكبر لذته سفك الدماء ".
وقد اخترنا من بين المؤرخين مؤرخا واحدا ليكون نموذجا لما اتفق عليه المؤرخون في وصف الحجاج.
وهذا الإمام أحمد بن حنبل يقول: " قتل الحجاج سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد الا وهو مفتقر إلى علمه ولم يسلطه الله بعده على قتل أحد ".
ذلك ان الحجاج لم يعش الا قليلا بعد قتله سعيد بن جبير.
وكان تفجع الإمام ابن حنبل على قتل سعيد هذا ما هو منصب على علم هذا الشهيد. فالفاجعة بقتل العلماء أعظم الفواجع.
ويزيد في فظاعة هذا الجرم ان المقتول كان في التاسعة والتسعين من عمره.
ونحن لا ندري أ نصدق اليافعي والإمام أحمد بن حنبل، أم نصدق كاتب المقال؟
ولكن الحقيقة اننا ندري!
نحن لا نريد ان نحدث الكاتب عن عشرات الألوف البريئة التي قتلها الحجاج صبرا، ولا عن عشرات الألوف من النساء والرجال التي وجدت في سجنه بعد موته.
لا نريد ان نحدثه عن ذلك، لأن هذا امر انساني، ويبدو جليا ان الانسانية لا تهم الكاتب، لذلك سننصرف عن الحديث الانساني إلى الحديث الاسلامي:
قال ابن سعد في كتاب الطبقات: " قال الحجاج هممت ان اضرب عنق ابن عمر ".
ثم لما استدعاه إليه خاطبه شاتما له:
" اسكت فإنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك، يوشك شيخ ان يؤخذ فتضرب عنقه ".
ثم يذكر ابن سعد ان الحجاج ارسل اليه من اغتاله، ثم منع ان يدفن حيث أوصى.
عبد الله بن عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين. عبد الله بقية صحابة رسول الله: الهادئ الوديع الورع، ينحدر به الزمن إلى أن يقف بين يدي الحجاج ضارعا ذليلا يلتقى الشتيمة صابرا محتسبا.
والحجاج في ذلك عند الكاتب " رجل الأمن والأمان والأمانة والإيمان ".
ولو وجد الكاتب مشتقات أخرى لكلمة (امن) لأضافها إلى هذه الصفات الرائعة التي أضفاها على الحجاج جزاء ما لقي ابن عمر بن الخطاب منه، ولقاء ما أبداه من احتقار لذكرى الخليفة الراشدي الثاني!
وحقد الحجاج على أصحاب رسول الله لم يقتصر على عبد الله بن عمر، فقد امتدت الحياة بثلاثة من الصحابة إلى أن أدركت عصر الحجاج. وعوضا عن أن يكون هؤلاء الثلاثة في شيخوختهم الواهنة موضع الاجلال والتكريم، وان يرى الناس فيهم بقية ذلك السلف الصالح الذي رأى النبي وعاشره وتعلم منه فيتبركون بهم ويرفعون من شأنهم، عوضا عن ذلك، لم ير فيهم الحجاج إلا موضعا للاذلال، فقد قال في (أسد الغابة) ما يلي بنصه: " ختم الحجاج في عنق سهل الساعدي وأنس بن مالك وفي يد جابر بن عبد الله يريد إذلالهم "، وهؤلاء الثلاثة كانوا آخر من بقي من أصحاب رسول الله.
فإذا كانت الناحية الإنسانية لا تهم (الكاتب) فلا تروعه مجازر عشرات الألوف، أ فما كان يقتضي ان تهمه الناحية الإسلامية فيغضب لإهانة عمر بن الخطاب في شخص ابنه عبد الله، وقبل ذلك لإهانة الرسول في اشخاص أصحابه؟
ونريد ان نسأل الكاتب عن " الأمن والايمان والأمانة والأمان " فيما سنقصه عليه، وهو صورة عما كان يعانيه الشعب في ظل الحاكم الذي يعجب به هذا الكاتب.
احدث الحكام الذين تولوا حكم العرب والمسلمين منذ السنة (41) هجرية وظيفة جديدة لتثبيت حكمهم هي وظيفة (صاحب العذاب). ويغني ذكر اسم الوظيفة لمعرفة مهمة متولي امرها.
ولقد كان لعبيد الله بن زياد بن سمية (صاحب عذاب)، ومن قصصه ما رواه ابن عبد البر في كتاب (الاستيعاب) وهو يتحدث عن الصحابي قيس بن خرشة القيسي: " أراد عبيد الله بن زياد تعذيبه لأنه كان قوالا بالحق، فلما أعد له العذاب مات قبل ان يصيبه شئ ".
وصاحب السيرة الحلبية يقول وهو يروي القصة: " ان عبيد الله بن زياد قال: اؤتوني بصاحب العذاب، فمال عند ذلك قيس فمات ".
لقد كان مجرد ذكر (صاحب العذاب) كافيا لأن يحدث صدمة في نفس الصحابي قيس بن خرشة فيموت في الحال.
وفي عهد الحجاج كان اسم (صاحب العذاب) (معد). ويروي صاحب كتاب (النجوم الزاهرة) ما جرى لحطيط الزيات الكوفي مع الحجاج:
وبعد ان يعدد المؤلف بعض صفات حطيط الزيات بقوله: " كان عابدا زاهدا يصدع بالحق "، يروي حوارا جرى بينه وبين الحجاج، كان فيه حطيط شجاعا صريحا لم يحد عن خطه المستقيم. فقال معد (صاحب العذاب): اني أريد أن تدفعه إلي فوالله لأسمعنك صياحه، فسلمه إليه فجعل يعذبه ليلته كلها وهو ساكت. فلما كان وقت الصبح كسر ساق حطيط، ثم دخل عليه الحجاج فقال له: ما فعلت بأسيرك، فقال: إن رأى الأمير ان يأخذه مني فقد أفسد علي أهل سجني، فقال الحجاج علي به، فعذبه بأنواع العذاب وهو صابر، فكان يأتي بالمسال فيغرزها في جسمه وهو صابر، ثم لفه في بارية وألقاه حتى مات.
أهذا هو (الأمن والأمان والأمانة والإيمان) التي يصف بها الكاتب صاحبه الحجاج؟
وإذا كان الكاتب لا تعنيه الناحية الإنسانية، ولا يؤثر فيه ذبح عشرات الألوف، أ فلا تؤثر فيه الناحية الاسلامية فيرثي لحال المسلم الذي وصف بأنه " عابد زاهد يصدع بالحق " ويتورع عن الثناء على من هذه افعاله مع المسلمين الزاهدين العابدين الصادعين بالحق.
ومن الطريف العجيب المحزن في الوقت نفسه ان يذكر الكاتب قصة يعلم هو قبل غيره أنها خرافة من الخرافات، لذلك يقرن روايته لها بقوله: (كما
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301