(عليه السلام) فيما رواه عبد الله بن ميمون (1): " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذنون " وبه أفتى ابن الجنيد وابن أبي عقيل والأكثر، وقال أبو الصلاح: إذا زالت الشمس أمر مؤذنيه بالأذان، وإذا فرغوا منه صعد المنبر فخطب، ورواه محمد بن مسلم (2) قال: " سألته عن الجمعة فقال: أذان وإقامة يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد على المنبر " ويتفرع على الخلاف أن الأذان الثاني الموصوف بالبدعة أو الكراهة ما هو، وابن إدريس يقول: الأذان المنهي عنه هو الأذان بعد نزوله مضافا إلى الأذان عند الزوال، وفي كشف اللثام يعني أن الأذان المشروع للجمعة إما قبل صعود الإمام المنبر أو بعده عند جلوسه عليه، فالجمع بينهما بدعة أو مكروه، وعلى الأول فالبدعة أو المكروه الثاني، وعلى الثاني الأول ويسمى ثانيا لحدوثه بعد الثاني.
قلت: لا ريب أن التوقيت المزبور للأذان بما سمعت إنما هو مستحب في مستحب، ومقتضى الجمع بين الخبرين حصول الوظيفة بكل من الحالين وإن كان قد يرجح ما رواه عبد الله بن ميمون بقرب اتصاله بالصلاة، وبأنه المشهور نقلا إن لم يكن تحصيلا، بخلاف قول أبي الصلاح، وإن قيل إنه ظاهر الغنية، بل ظاهرها الاجماع عليه، وعلى كل حال فلو حصل في غيرهما كان مشروعا أيضا وإن كان هو خلاف الأفضل، وحينئذ فدعوى أن المراد بالثاني باعتبار الاحداث وإلا فهو ما لم يكن بين يدي الخطيب سواء وقع أولا أو ثانيا بالزمان واضحة الضعف، لما عرفت من أن كيفية الأذان الواقع في عهده (صلى الله عليه وآله) غير شرط في شرعيته قطعا، بل إجماعا حكاه ثاني المحققين: قال: " إذ لو وقع بعد صعود الخطيب أو لم يصعد منبرا بل خطب