الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٨٢
الحقوق عن أموالهم، وإنما فيه سقوط العبادات عن أبدانهم، وقد قالوا بإخراج الديات والأروش وزكاة ما خرج من الأرض من مال الصبي والمجنون، وهو داخل في جملة الأغنياء وأسقطوا عنه زكاة الناض تحكما بلا برهان، فهلا قاسوا وجوب زكاة الناض عليه بوجوب زكاة ما أخرجت ثماره، عليه وبوجوب زكاة الفطر عليه؟ وهم يدينون الله تعالى بالقياس، ويعصون له أوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن هكذا يتناقض من اتبع السبل فتفرقت بهم عن سبيل الله.
وقالوا: نرجح أحد النصين بأن يكون مؤثرا في الحكم، والآخر غير مؤثر، ومثلوا ذلك بالاختلاف في زوج بريرة أحرا كان أم عبدا.
قال علي: وهذا لا يعقل، لان التأثير الذي ذكروا تحكم بلا دليل، وليس في كونه عبدا ما يمنع من تخييرها تحت الحر، وحتى لو اتفق النقلة كلهم على أنه كان عبدا لما أوجب ذلك ألا تخيير تحت حر إذا جاء ما يوجب ذلك. وإنما نص النبي صلى الله عليه وسلم على تخيير الأمة المتزوجة إذا أعتقت، ولم يقل عليه السلام - إنما خيرتها لأنها تحت عبد، فوجب بالنص تخيير كل أمة متزوجة إذا أعتقت، ولا نبالي تحت من كانت، وليس من قال: إنها خيرت لأنها كانت تحت عبد، بأولى ممن قال: بل لأنها كانت أسود، وكل هذا لا معنى له، فكيف ولا اختلاف في الروايات، وكلها صحيح، فالذي روى - أنه كان عبدا - أخبر عن حاله في أول أمره، والذي روى - أنه كان حرا - أخبر بما صار إليه، وكان ذلك أولى لأنه كان عنده علم من تحريره زائدا على من لم يكن عنده علم ذلك.
وقالوا نرجح أحد الخبرين بأن يكون منقولا من طرق بألفاظ شتى، والآخر لم ينقل إلا من طريق واحد. ومثلوا ذلك بحديث وابصة بن معبد الأسدي في إعادة المنفرد خلف الصف، وبحديث أبي بكرة في تكبيره دون الصف، وحديث ابن عباس في رده عليه السلام إياه عن شماله إلى يمينه، وحديث صلاة جدة أنس منفردة خلف النبي صلى الله عليه وسلم.
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258