الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٨١
منهم، مع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك من قوله عليه السلام: من كسر أو عرج فقد حل والحذف الذي ذكروا لا يعتد به إلا جاهل لان ما تيقن فقد يحذف في كلام العرب كثيرا، عن ذلك قوله تعالى: وإن كنتم من مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء مسافرا لا يوجب عليه وضوءا إلا أن يحدث ومن ذلك قوله تعالى (ذلك كقارة لايمانكم إذا حلفتم) لا يختلف مسلمان في لان في هذه الآية خذفا وأن معناه ذا حلفتم فحنثتم، أو أردتم الحنث، كلا المعنيين قد قال به قوم، لان الحلف لا يوجب كفارة إلا بالحنث أو بإرادته.
ومن ذلك قوله عز وجل: أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه) وأن اضرب بعصاك البحر فانفلق لا خلاف عند ذي عقل في أن في كلتا الآيتين حذفا، وأنه كأنه تعالى قال: فضرب فانفلق، وضربت فانبجست، فمثل هذا الحذف لا يتعلل به - في كلام الله تعالى، وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي كلام كل متكلم - إلا جاهل مظلم الجهل لا علم له بمواقع اللغة وهو كالمذكور الذي لم يحذف سواء بسواء.
ومن ذلك أيضا قوله: * (كل من عليها فان) *، ونحن نقول في كل وقت قال تعالى، وقال عليه السلام، ولا يذكر اسم الله تعالى في ذلك، ولا اسم نبيه صلى الله عليه وسلم ، اكتفاء منا بفهم السامع، وأن ذلك لا يخيل عليه البتة وكذلك قال تعالى حتى توارت الحجاب: ولم يذكر الشمس اكتفاء بأن السامع قد علم المراد ضرورة.
وقالوا: نرجح أحد الخبرين بأن يكون أحدهما ورد في لفظه حكمه، والآخر لم يرد في لفظه حكمه، ومثلوا ذلك بقوله تعالى: * (خذ من أموالهم صدقة وقوله عليه السلام: أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وقوله عليه السلام: رفع القلم عن ثلاث فذكر الصبي حتى يحتلم: والمجنون حتى يفيق.
قال علي: ليس في قوله عليه السلام: ورفع القلم عن ثلاث ما يوجب سقوط
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258