الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٦٤
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك باطل، وفيه أيضا أن حكمه عليه السلام في عين ما حكم على جميع نوع تلك العين، لأنه إنما وقع الكلام على حلة سيراء كان يبيعها عطارد، ثم أخبر عليه السلام أن ذلك حكم جار في كل حلة حرير.
وأخبر أن ذلك الحكم لا يتعدى إلى غير نوع اللباس، وهذا هو نص قولنا في عموم الحكم وإبطال القياس.
قال علي: وقد استعمل قوم بعض الوجوه الذي ذكرنا في غير موضعه، ونحن نوقف على ذلك ونرى منه طرفا ليتنبه الطالب للعلم على سائره إذا ما ورد عليه إن شاء الله عز وجل، وما توفيقي إلا بالله.
وذلك أننا قد قلنا باستعمال الحديثين إذا كان أحدهما أقل معاني من الآخر، بأن يستثنى الأقل من الأكثر، فيستعمل الأقل معاني على عمومه، ويستعمل الأكثر معاني - حاشا ما أخرجنا منه بالاستثناء المذكور - على ما بينا قبل - فورد حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيه النهي عن استقبال القبلة واستدبارها لبول أو غائط، وورد حديث عن ابن عمر أنه أشرف على سطح فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا لحاجته على لبنتين وهو مستدبر القبلة.
قال علي: فقال قوم: نستبيح استدبار القبلة واستقبالها في البنيان، ونمنع منه في الصحارى.
قال علي: وأخطأوا من وجهين: أحدهما، تحكمهم في الفرق بين البنيان وغيره وليس في شئ من الحديثين نص ولا دليل على ذلك، بل وجدنا أبا أيوب الأنصاري - وهو بعض رواة حديث النهي - قد أنكر ذلك في البيوت، فلو عكس عاكس فقال: بل يستباح ذلك في الصحارى ولا يستباح في البنيان، هل كان يكون بينهم وبينه فرق؟ ومثل هذا في دين الله تعالى لا يستسهله ولا يتمادى عليه - بعد أن يوقف عليه - ذو ورع، لقوله تعالى: * (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) * مع آيات كثيرة تزجر عن ذلك وليس في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بنيان، بل قد وصفت عائشة
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258