الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ١٦٢
، والمرأة وخالتها، مع قوله تعالى، وقد ذكر ما حرم من النساء. ثم قال تعالى وأجل لكم ما وراء ذلكم فكان نهي النبي صلى الله عليه وسلم مضافا إلى ما نهى الله عنه في هذه الآية المذكورة، ومثل ما حرم الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من لحوم الحمر والسباع وذوات المخالب من الطير، مع قوله تعالى: * (قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة) * الآية. فكان ما حرمه الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم مضافا إلى ما في هذه الآية ومضموما معه، وكذلك ما روي عن مسحه عليه السلام برأسه ثلاثا واثنتين وواحدة، وعلى ناصيته وعمامته، وعلى عمامته فقط كل ذلك مضموم بعضه إلى بعض، وشرائع لازمة كلها، وقد سقط ههنا قوم أساؤوا النظر جدا، فقالوا: إن ذكر بعض ما قلنا في نص ما، وعدمه في نص آخر، دليل على سقوطه.
قال علي: وهذا إقدام عظيم، وإسقاط لجميع الشرائع، ويجب عليهم من هذا أن كل شريعة لم تذكر في كل آية وفي كل حديث هي ساقطة وهذا كفر مجرد، لأنه لا فرق بين من قال لما قال الله تعالى: وأشهدوا إذا تبايعتم ولم يذكر الافتراق وقال عليه السلام: إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قال البائع أو يترادان فلم يذكر الافتراق، دل ذلك على سقوط حكم الافتراق، وعلى تمام البيع دونه، فلا فرق بين هذا الكلام وبين من قال لما لم يذكر الله تعالى ورسوله عليه السلام في الآية المذكورة النهي عن بيع الغرر، وعن الملامسة والمنابذة، وعن بيع الخمر والخنازير، وجب أن يكون كل ذلك مباحا، ولما لم يذكر الله تعالى في قوله : قل لا أجد فيما أو حي إلى محرما على طاعم يطعمه الآية. إن العذرة حرام، وإن الخمر حرام، وجب أن يكون حلالا، وهذا الكلام مع أنه كفر فهو ساقط جدا، لأنه لا يلزم تكرير كل شريعة في كل حديث، ولو لزم ذلك لبطلت جميع شرائع الدين أولها عن آخرها، لأنها غير مذكورة في كل آية ولا في كل حديث.
قال علي: ويبين صحة ما قلنا - من أنه لا تعارض بين شئ من نصوص القرآن ونصوص كلام النبي صلى الله عليه وسلم وما نقل من أفعاله - قول الله عز وجل مخبرا عن رسوله عليه السلام: * (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى) * وقوله تعالى:
* (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقال تعالى * (ولو كان من عند غير الله
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258