الفصول الغروية في الأصول الفقهية - الشيخ محمد حسين الحائري - الصفحة ١٨٥
الاتحاد في الصنف حتى الكون في زمان النبي صلى الله عليه وآله يوجب هدم أسامي الشريعة وسد باب الاحكام بالكلية كذا قيل و ليس بشئ لان المراد اعتبار الاتحاد حيث لا يقوم دليل على عدم اعتباره و الاتحاد في الكون في زمان النبي صلى الله عليه وآله مما قام الاجماع بل الضرورة على عدم اعتباره في معظم الاحكام فلا يلزم على تقدير اعتباره حيث لا يقوم عليه الحجة ما ذكره من الانهدام و الانسداد نعم يرد عليه أن إطلاق التكليف ينفي اشتراطه بالكون في زمان النبي صلى الله عليه وآله والاعتذار بأن التكليف المشروط مطلق بالنسبة إلى الواجدين للشرط إنما يستقيم حيثما يستمر الشرط دون ما ينقطع كالكون في زمان النبي صلى الله عليه وآله و احتمال قيام القرينة الدالة على الاشتراط عندهم منفي بالأصل و الاجماع منعقد على أن كل حكم تعلق بالمشافهين مطلقا كان تعلقه بغيرهم أيضا مطلقا مضافا إلى عموم ما دل على أن حكم الله في الأولين جار في حق الآخرين فظهر أن الاستدلال بظاهر الآية على وجوب صلاة الجمعة متجه إن لم يكن هناك ما يوجب صرفها عن ظاهرها لعدم استدامة الشرط المعتبر في وجوبها في حقهم تنبيهات الأول أن الخطاب إلى الواحد لا يقتضي التعميم نعم نقول بعموم الحكم المستفاد منه حيث لا يفهم قصد الخصوصية منه لقيام الأدلة الخارجية عليه كالفحوى وكقوله عليه السلام حكمي على الواحد حكمي على الجماعة وعزي إلى الحنابلة القول بأنه يقتضي التعميم وهو متضح الفساد بل ربما قيل بأنهم لا يقولون أيضا بالتعميم من حيث اللفظ بل من باب القياس الثاني لا كلام ظاهرا في أن الخطاب بصيغة المؤنث كيا أيتها المؤمنات لا يتناول الرجال وأما العكس كيا أيها المؤمنون فالظاهر اختصاصه بالرجال ما لم يقم قرينة على خلافه بدليل التبادر لاجماع أهل العربية على أن واحدة المذكر وهو لا يتناول المؤنث وقيل بالدخول لان أهل اللسان يغلبون المذكر على المؤنث عند الاجتماع كما في قوله تعالى اهبطوا وجوابه أن وقوع ذلك لا ينافي ظهوره في خلافه وما ذكر إنما يسلم إذا قام قرينة ولو حالية على إرادة الجميع ولا كلام على تقديره الثالث الخطاب بمن يستوي فيه المذكر والمؤنث لكن إذا كان الضمير العائد إليه مؤنثا اختص بالمؤنث وأما إذا كان مذكرا اشترك فيه المذكر والمؤنث وقيل بل يختص بالمذكر وهو بعيد عن ظاهر الاستعمال وما مثل من في الشمول والخلاف الرابع آيات الكتاب منها ما هو خطاب منه تعالى أما إلى الناس عموما كيا أيها الناس اتقوا يا عباد فاتقون ومثله الامر بضمير الجمع المذكر حيث لا يتقدم ما يقتضي تخصيصه بالبعض كحافظوا على الصلاة بناء على استظهار العموم منه حينئذ أو إلى نوع منهم خصوصا كالمؤمنين وأولي الألباب وأهل الكتاب كما في الآيات المشتملة على الخطاب إليهم أو إلى شخص أو إلى أشخاص كيا أيها النبي إن تتوبا ويا نساء النبي ومنها ما ألفه تعالى لان يخاطب به النبي صلى الله عليه وآله إياه تعالى نحو قل رب اغفر والناس عموما نحو قل يا أيها الناس أو صنفا منهم مخصوصا نحو قل يا أهل الكتاب قل يا أيها الذين هادوا قل للمخلفين من الاعراب ستدعون ويمكن أن يجعل الخطاب في ذلك منه تعالى إليهم ويكون الامر بالقول أمرا بتبليغ الخطاب فيرجع إلى القسمين الأولين وأن يكون مأمورا بأن يخاطبهم بما يدل على تلك المعاني وإن لم يكن بخصوص تلك الألفاظ أو لان يخاطب به المسلمون كما في قوله قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا و يحتمل فيه الوجه الأخير أيضا أو لان يخاطبوا به النبي صلى الله عليه وآله كقوله وقولوا انظرنا أو لان يخاطب به جبرائيل النبي صلى الله عليه وآله نحو ما نتنزل إلا بأمر ربك وما منا إلا له مقام معلوم و يحتمل أن يكون الخطاب في الثاني إلى جميع الناس أو لان يخاطب العباد به ربهم ك آيات الحمد ومن هذا القبيل تأليفهم للأدعية والزيارات لمخاطبة الداعين والزائرين ويحتمله المراثي المنظومة للحسين عليه السلام والظاهر أن النزاع المتقدم في خطاباته تعالى يجري فيما ألفه لمخاطبة نبيه صلى الله عليه وآله أيضا و إن لم نجعله خطابا له تعالى واعلم أن حكاية الخطاب خطاب إلى من خوطب بالحكاية وليس المحكي خطابا إليه بل إلى من خوطب به أولا وكذا لو ترتبت الحكايات القول في التخصيص والمخصص مقدمة التخصيص قصر العام أو حكمه على بعض ما يتناوله والمراد بالعام ما اعتبر في استعماله وضعه للعموم سواء استعمل فيه أو لم يستعمل فدخل العام الذي أريد به جميع مسمياته ثم صرف عنه الحكم إلى البعض كما في بدل البعض على أظهر الوجوه وأخرج منه البعض كما في التخصيص بالاستثناء على ما سيأتي وبالشرط والغاية من حيث دلالتهما على إخراج الفرد الذي لا يشتمل على الشرط مطلقا أو لا يقارن ما قبل الغاية مطلقا فإن التقييد بهما وإن لم يكن معتبرا في الفرد لكن الفرد المقيد بهما فرد قطعا وليس الحكم لاحقا له وإما من حيث دلالتهما على زوال الحكم عن المحكوم عليهم عند زوال الشرط أو بعد الغاية فليس من تخصيص العام أو لا عموم له بالنسبة إلى ذلك بل إما من باب التقييد إن دل اللفظ عليه بالاطلاق أو من تخصيص ما دل على عموم الحكم بالنسبة إليهما إن كان هناك ما يدل عليه والتحقيق أن مفادهما بالاعتبار الأول أيضا ليس من تخصيص العام بل إما من تقييد الحكم كما في الشرط لان الحكم فيه إنما يتعلق بالجميع لكن لا مطلقا بل إذا تحقق الشرط أو من تقييد العام ضمنا كما في الغاية بالنسبة إلى الافراد التي لا تقارن ما قبلها مطلقا فإن المراد بالعلماء في قولنا أكرم العلماء إلى أن يفسقوا أو إلى يوم كذا العلماء الغير الموصوفين بالفسق والموجودون قبل الغاية المذكورة إذ لا معنى للتحديد بالغاية بالنسبة إلى من استمر الفسق في حقهم من زمن الخطاب أو تأخروا عن الغاية كذلك يدخل العام الذي أريد به البعض ابتدأ بأن أطلق العام على الخاص باعتبار عمومه وأما إطلاق العام على الخاص لا باعتبار عمومه بل باعتبار كونه موضوعا له بحياله فليس من التخصيص وإن قدر ظهوره عند الاطلاق في العموم سواء غاير وضعه وضع العام كما لو أطلق لفظ الرجال علما لرجل عليه باعتبار كونه علما له أو لا كما في الجمع المعرف المعهود أو الموصوف على ما عرفت وخروج ذلك عن الحد إما لعدم تسميته عرفا قصرا بل هو تعيين لاحد محتملات اللفظ أو لان قيد الحيثية مفهوم من قولنا بعض ما يتناوله فالمعنى قصره على بعض ما يتناوله
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»