الأصول الأصيلة - الفيض القاساني - الصفحة ١١٨
الأصل الثامن انه لا يجوز التعويل على الظن في الاعتقادات، ولا الافتاء عليه في العمليات كما عرفت سواء حصل ذلك الظن بمجرد اتباع الهوى واستحسان العقل والقياس الفقهي أو اجتهاد الرأي أو الشهرة أو اتفاق الجماعة أو البراءة الأصلية أو استصحاب الحال أو غير ذلك من وجوه الاستنباطات الا ما صح عن أهل البيت عليهم السلام بأحد الاصطلاحين وكانت دلالته صريحة أو ظاهرة مع اعتضاده بالعقل الصحيح الذي يكون لصاحب القوة القدسية فان الشرع (1) لن يتبين الا بالعقل، والعقل لن يهتدى الا بالشرع، والعقل كالأس

١ - فليعلم ان المصنف (ره) أخذ هذا الكلام إلى قوله: عند فقد النور " عن غيره وصرح بذلك في سائر كتبه كما قال في علم اليقين في أصول الدين (ص ١٧١ من النسخة المطبوعة بطهران ١٣١٢): " فصل - قال بعض الفضلاء: اعلم أن العقل لن يهتدى الا بالشرع، والشرع لن يتبين الا بالعقل (وساق الكلام إلى قوله) عند فقد النور " وقال في مقدمة كتاب عين اليقين المطبوع منضما بنسخة علم اليقين المطبوع المشار إليه آنفا (ص 242):
" في تظاهر العقل والشرع ولنقتصر فيه على كلام بعض الفضلاء فإنه كاف في هذا المقام قال: اعلم أن العقل لن يهتدى (وساق الكلام إلى آخره) " وقال في المحجة البيضاء في احياء الاحياء في كتاب قواعد العقائد وهو الكتاب الثاني من ربع العبادات (ص 188 - 187 ج 1 من طبعة مكتبة الصدوق) ما نصه " الباب الأول في طريق التخلص عن مضائق بدع أهل الأهواء بمتابعة الكتاب والسنة واقتفاء أئمة الهدى صلوات الله عليهم قال بعض الفضلاء: اعلم أن العقل لن يهتدى (إلى آخر ما قال).
وللكلام ذيل نقله في الكتب الثلاثة في الموارد المشار إليها متصلا بما مر وهو:
" واعلم أن العقل بنفسه قليل الغناء لا يكاد يتوصل به الا إلى معرفة كليات الشئ دون جزئياته نحو ان يعلم جملة حسن اعتقاد الحق وقول الصدق وتعاطى الجميل وحسن استعمال المعدلة وملازمة العفة ونحو ذلك من غير أن يعرف ذلك في شئ شئ والشرع يعرف كليات الشئ (في تفصيل النشأتين: الأشياء) وجزئياته ويبين ما الذي يجب ان يعتقد في شئ شئ، وما الذي هو معدلة في شئ شئ، ولا يعرف العقل مثلا ان لحم الخنزير والخمر محرمة، وانه يجب ان يتحاشى من تناول الطعام في وقت معلوم، وان لا تنكح ذوات المحارم، وان لا تجامع المرأة في حال الحيض، فان أشباه ذلك لا سبيل إليها الا بالشرع فالشرع نظام الاعتقادات الصحيحة والافعال المستقيمة والدال على مصالح الدنيا والآخرة، من عدل عنه فقد ضل سواء السبيل، ولأجل ان لا سبيل للعقل إلى معرفة ذلك قال تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، وقال: ولو انا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا: ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل ان نذل ونخزى، والى العقل والشرع أشار بالفضل والرحمة بقوله: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا، وعنى بالقليل المصطفين الأخيار (انتهى كلامه) ".
أقول: بعد أن كتبت هذه الحاشية ويئست عن الظفر باسم صاحب الكلام بعد الفحص عنه أمتن الله تعالى علي بالفوز بهذا المطلوب وذلك اني كنت أطالع تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين للراغب الأصبهاني فإذا هذا الكلام فيه وعبارته (ره) فيه هكذا: " الباب الثامن عشر في تظاهر العقل والشرع وافتقار أحدهما إلى الاخر، اعلم أن العقل لن يهتدى الا بالشرع (فذكر الكلام من دون تغيير فيه إلى آخره وهو قوله) وعنى بالقليل المصطفين الأخيار " انظر ص 51 - 50 من النسخة المطبوعة بمطبعة العرفان سنة 1376).
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»