وفي هذا من الاخبار ما لا يحصى كثرة، وفيما أوردناه كفاية لما أردناه.
فاما ما لا يزالون يستكرهونه ويتعسفونه من تأويل هذه الأخبار التي ذكرناها، مثل قولهم في قصة المجهضة ولدها " ان الخطأ والغش انما أراد به ترك ما هو الأولى في النصح والمذهب " (1)، وان ابن عباس دعا إلى المباهلة لأنه خطئ في اجتهاده، فدعا من خطأه في ذلك - لا في نفس المذهب - إلى المباهلة، وان ذكر جهنم والنار على سبيل التشدد والتحرز، وان ذلك تخويف لمن أقدم عليه من غير فكر ولا تحفظ.
وفي حديث احباط الجهاد، ان ذلك مشروط بأن يكون ذاكر للخبر المقتضي لخلاف قوله، إلى غير ذلك مما يتناولون به الأخبار الواردة في هذا المعنى، فكله عدول عن ظواهر الاخبار وحملها على ما لم تحتمله، وذلك انما يسوغ إن ساغ، متى ثبت لنا تصويب القوم بعضهم لبعض في مذاهبهم من وجه لا يحتمله التأويل.
فاما ولا شئ نذكر في ذلك الا وهو محتمل للتصويب وغيره على ما ذكرناه وسنذكره، فلا وجه للالتفات إلى تأويلاتهم البعيدة.
فإن قالوا: نحن وان صوبنا المجتهدين، فليس نمنع أن يكون في جملة المسائل ما الحق فيه في واحد، فلا يسوغ في مثله الاجتهاد، وأكثر ما تقتضيه الاخبار التي رويتموها أن يكون الاجتهاد غير سائغ في هذه المسائل بعينها، وهذا لا يدل على أن سائر المسائل كذلك.
قلنا: لا فرق بين هذه المسائل التي روينا فيها الاخبار وبين غيرها، وليس لها صفة تباين بها ما عداها مسائل الاجتهاد، الا يرون انه لا نص في شئ منها يقطع العذر، كما أن ذلك ليس في غيرها من مسائل الاجتهاد، وإذا لم يتميز من غيرها بصفة لم يسغ ما ادعيتموه واشترك الكل في جواز الاجتهاد فيه أو المنع منه.
واستدلوا أيضا بان قالوا ليس تخلو أقوالهم في هذه المسائل التي أضافوها