تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٦٧
نزاع فيها لأحد وقد روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال ومما وسع الله على هذه الأمة نكاح الأمة واليهودية والنصرانية وإن كان موسرا وقوله تعالى «والله أعلم بإيمانكم» جملة معترضة جئ بها لتأنيسهم بنكاح الإماء واستنزالهم من رتبة الاستنكاف منه ببيان أن مناط التفاضل ومدار التفاخر هو الإيمان دون الأحساب والأنساب على ما نطق به قوله عز قائلا «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» والمعنى أنه تعالى اعلم منكم بمراتبكم في الإيمان الذي به تنتظم أحوال العباد وعليه يدور فلك المصالح في المعاش والمعاد ولا تعلق له بخصوص الحرية والرق فرب أمة يفوق إيمانها إيمان الحرائر وقوله تعالى «بعضكم من بعض» إن أريد به الاتصال من حيث الدين فهو بيان لتناسبهم من تلك الحيثية إثر بيان تفاوتهم في ذلك وإن أريد به الاتصال من حيث النسب فهو اعتراض آخر مؤكد للتأنيس من جهة أخرى والخطاب في الموضعين إما لمن كما في الخطاب الذي يعقبه قد روعى فيما سبق جانب اللفظ وههنا جانب المعنى والالتفات للاهتمام بالترغيب والتأنيس وإما لغيرهم من المسلمين كالخطابات السابقة لحصول الترغيب بخطابهم أيضا وأياما كان فإعادة الأمر بالنكاح على وجه الخطاب في قوله تعالى «فانكحوهن» مع انفهامه من قوله تعالى «فمن ما ملكت أيمانكم» حسبما ذكر لزيادة الترغيب في نكاحهن وتقييده بقوله تعالى «بإذن أهلهن» وتصديره بالفاء للإيذان بترتبه على ما قبله أي وإذ قد وقفتم على جلية الأمر فانكحوهن بإذن مواليهن ولا تترفعوا عنهن وفي اشتراط إذن الموالى دون مباشرتهم للعقد إشعار بجواز مباشرتهن له «وآتوهن أجورهن» أي مهورهن «بالمعروف» متعلق بآتوهن أي أدوا إليهن مهورهن بغير مطل وضرار والجاء إلى الاقتضاء واللز حسبما يقتضيه الشرع والعادة ومن ضرورته ان يكون الأداء إليهن بإذن الموالى فيكون ذكر إيتائهن لبيان جواز الأداء إليهن لا لكون المهور لهن وقيل أصله آتوا مواليهن فحذف المضاف وأوصل الفعل إلى المضاف إليه «محصنات» حال من مفعول فانكحوهن أي حال كونهن عفائف عن الزنا «غير مسافحات» حال مؤكدة أي غير مجاهرات به «ولا متخذات أخدان» عطف على مسافحات ولا لتأكيد ما في غير من معنى النفي الخدن الصاحب قال أبو زيد الأخدن الأصدقاء على الفاحشة والواحد خدن وخدين والجمع للمقابلة بالانقسام على معنى ان لا يكون لواحدة منهن خدن لا على معنى أن لا يكون لها أخدان أي غير مجاهرات بالزنا ولا مسرات له وكان الزنا في الجاهلية منقسما إلى هذين القسمين «فإذا أحصن» أي بالتزويج وقرئ على البناء للفاعل أي أحصن فروجهن أو أزواجهن «فإن أتين بفاحشة» أي فعلن فاحشة وهى الزنا «فعليهن» فثابت عليهن شرعا «نصف ما على المحصنات» أي الحرائر الأبكار «من العذاب» من الحد الذي هو جلد مائة فنصفه خمسون كما هو كذلك قبل الإحصان فالمراد بيان عدم تفاوت حدهن بالاحصان كتفاوت حد الحرائر فالفاء في فإن أتين جواب إذا والثانية جواب أن والشرط الثاني مع جوابه مترتب على وجود الأول كما في قولك إذا اتيتنى فإن لم أكرمك فعبدى حر «ذلك» أي نكاح الإماء «لمن خشي العنت منكم» أي لمن خاف وقوعه في الإثم الذي تؤدى إليه غلبة الشهوة وأصل العنت انكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة وضرر يعترى الإنسان بعد
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254