تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٧٢
الحكم البالغة لا لأن عدمه خير له ولا لأنه لو كان خلافة لكان مفسدة له كما قيل إذ لا يساعده ما سيأتي من الأمر بالسؤال من فضله تعالى فإنه ناطق بأن المنهى عنه تمنى نصيب الغير لاتمنى ما زاد على نصيبه مطلقا هذا وقد قيل لما جعل الله تعالى في الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء نحن أحوج أن يكون لنا سهمان وللرجال سهم واحد لأنا ضعفاء وهم أقوياء وأقدر على طلب المعاش منا فنزلت وهذا هو الأنسب بتعليل النهى بقوله عز وجل «للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن» فإنه صريح في جريان التمني بين فريقى الرجال والنساء ولعل صيغة المذكر في النهى لما عبر عنهن بالبعض والمعنى لكل من الفريقين في الميراث نصيب معين المقدار مما أصابه بحسب استعداده وقد عبر عنه بالاكتساب على طريقة الاستعارة التبعية المبنية على تشبيه اقتضاء حاله لنصيبه باكتسابه إياه تأكيدا لاستحقاق كل منهما لنصيبه وتقوية لاختصاصه به بحيث لا يتخطاه إلى غيره فإن ذلك مما يوجبه الانتهاء عن التمني المذكور وقوله تعالى «واسألوا الله من فضله» عطف على النهى وتوسيط التعليل بينهما لتقرير الانتهاء مع ما فيه من الترغيب في الامتثال بالأمر كأنه قيل لا تتمنوا ما يختص بغيركم من نصيبه المكتسب له واسألوا الله تعالى من خزائن نعمة التي لانفاد لها وحذف المفعول الثاني للتعميم أي واسألوه ما تريدون فإنه تعالى يعطيكموه أو لكونه معلوما من السياق أي واسألوه مثله وقيل من زائدة والتقدير وأسألوه فضله وقد جاء في الحديث لا يتمنين أحدكم مال أخيه ولكن ليقل اللهم ارزقني اللهم أعطني مثله وعن ابن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سلوا الله من فضله فإنه يحب أن يسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج وحمل النصيب على الأجر الأخروي وإبقاء الاكتساب على حقيقته بجعل سبب النزول ما روى أن أم سلمة رضي الله عنها قالت ليت الله كتب علينا الجهاد كما كتبه على الرجال فيكون لنا من الأجر مثل ما لهم على أن المعنى لكل من الفريقين نصيب خاص به من الأجر مترتب على عمله فللرجال أجر بمقابلة ما يليق بهم من الأعمال كالجهاد ونحوه وللنساء أجر بمقابلة ما يليق بهن من الأعمال كحفظ حقوق الأزواج ونحوه فلا تتمنى النساء خصوصية أجر الرجال وليسألن من خزائن رحمته تعالى ما يليق بحالهن من الأجر لا يساعده سياق النظم الكريم المتعلق بالمواريث وفضائل الرجال «إن الله كان بكل شيء عليما» ولذلك جعل الناس على طبقات ورفع بعضهم على بعض درجات حسب مراتب استعداداتهم الفائضة عليهم بموجب المشيئة المبنية على الحكم الأبية «ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون» جملة مبتدأة مقررة لمضمون ما قبلها ولكل مفعول ثان لجعلنا قدم عليه لتأكيد الشمول ودفع توهم تعلق الجهل بالبعض دون البعض كما في قوله تعالى «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا» أي ولكل تركة جعلنا ورثة متفاوتة في الدرجة يلونها ويحرزون منها أنصباءهم بحسب استحقاقهم المنوط بما بينهم وبين المورث من العلاقة ومما ترك بيان لكل قد فصل بينهما بما عمل فيه
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254