تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٦٨
صلاح حاله ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثم بارتكاب أفحش القبائح وقيل أريد به الحد لأنه إذا هويها يخشى أن يواقعها فيحد والأول هو اللائق بحال المؤمن دون الثاني لإبهامه أن المحذور عنده الحد لا ما يوجبه «وإن تصبروا» أي عن نكاحهن متعففين كافين أنفسكم عما تشتهيه من المعاصي «خير لكم» من نكاحهن وإن سبقت كلمة الرخصة فيه لما فيه من تعريض الولد للرق قال عمر رضى الله عنه إيما حر تزوج بأمة فقد أرق نصفه وقال سعيد بن جبير ما نكاح الأمة من الزنا إلا قريب ولأن حق المولى فيها أقوى فلا تخلص للزوج خلوص الحرائر ولأن المولى يقدر على استخدامها كيفما يريد في السفر والحضر وعلى بيعها للحاضر والبادى وفيه من اختلال حال الزوج وأولاده مالا مزيد عليه ولأنها ممتهنة مبتذلة خراجة ولاجة وذلك كله ذل ومهانة سارية إلى الناكح والعزة هي اللائقة بالمؤمنين ولأن مهرها لمولاها فلا تقدر على التمتع به ولا على هبته للزوج فلا ينتظم أمر المنزل وقد قال صلى الله عليه وسلم الحرائر صلاح البيت والإماء هلاك البيت «والله غفور» مبالغ في المغفرة فيغفر لمن لم يصبر عن نكاحهن ما في ذلك من الأمور المنافية لحال المؤمنين «رحيم» مبالغ في الرحمة ولذلك رخص لكم في نكاحهن «يريد الله ليبين لكم» استئناف مسوق لتقرير ما سبق من الأحكام وبيان كونها جارية على مناهج المهتدين من الأنبياء والصالحين قيل أصل النظم الكريم يريد الله أن يبين لكم فزيدت اللام لتأكيد معنى الاستقبال اللازم للإرداة ومفعول يبين محذوف ثقة بشهادة السباق والسياق اى يريد الله أن يبين لكم ما هو خفى عنكم من مصالحكم وأفاضل أعمالكم أو ما تعبدكم به من الحلال والحرام وقيل مفعول يريد محذوف تقديره يريد الله تشريع ما شرع من التحريم والتحليل لأجل التبيين لكم وهذا مذهب البصريين ويعزى إلى سيبويه وقيل إن اللام بنفسها ناصبة للفعل من غير إضمار ان وهي وما بعدها مفعول للفعل المتقدم فإن اللام قد تقام مقام ان في فعل الإرادة والأمر فيقال أردت لأذهب وأن أذهب وأمرتك لتقوم وإن تقوم قال تعالى «يريدون ليطفئوا نور الله» وفي موضع «يريدون أن يطفئوا» وقال تعالى «وأمرنا لنسلم» وفي موضع «وأمرت أن أسلم» وفي آخر «وأمرت لأعدل بينكم» اى ان أعدل بينكم وهذا مذهب الكوفيين ومنعه البصريون وقالوا إن وظيفة اللام هي الجر والنصب فيما قالوا بإضمار أن أي أمرنا بما أمرنا لنسلم ويريدون ما يريدون ليطفئوا وقيل يؤول الفعل الذي قبل اللام بمصدر مرفوع بالابتداء ويجعل ما بعده خبرا له كما في تسمع بالمعيدى خير من ان تراه أي ان تسمع به ويعزى به هذا الرأي إلى بعض البصريين «ويهديكم سنن الذين من قبلكم» من الأنبياء والصالحين لتقتدوا بهم «ويتوب عليكم» إذا تبتم إليه تعالى عما يقع منكم من التقصير والتفريط في مراعاة ما كلفتموه من الشرائع فإن المكلف قلما يخلو من تقصير يستدعى تلافيه بالتوبة ويغفر لكم ذنوبكم أو يرشدكم إلى ما يردعكم عن المعاصي ويحثكم على التوبة أو إلى ما يكون كفارة لسيئاتكم وليس الخطاب لجميع المكلفين حتى يتخلف مراده تعالى عن إرادته فيمن لم يتب منهم بل لطائفة معينة حصلت لهم هذه التوبة «والله عليم» مبالغ في العلم بالأشياء التي من جملتها
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254