تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٢ - الصفحة ١٦٤
نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن فنزلت والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم فاستحللناهن وفي رواية أخرى عنه ونادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض فأباح وطأهن بعد الاستبراء وليس في ترتيب هذا الحكم على نزول الآية الكريمة ما يدل على كونها مسوقة له فإن ذلك إنما يتوقف على إفادتها له بوجه من وجوه الدلالة على إفادتها بطريق العبارة أو نحوها هذا وقد روى عن أبي سعيد رضى الله عنه أنه قال أنها نزلت في نساء كن يهاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهن أزواج فيتزوجهن بعض المسلمين ثم يقدم أزواجهن مهاجرين فنهى عن نكاحهن فالمحصنات حينئذ عبارة عن مهاجرات يتحقق أو يتوقع من أزواجهن الإسلام والمهاجرة ولذلك لم يزل عنهن اسم الإحصان والنهى لتحريم المحقق وتعرف حال المتوقع وإلا فما عداهن بمعزل من الحرمة واستحقاق إطلاق الاسم عليهن كيف لا وحين انقطعت العلاقة بين المسببة وزوجها مع اتحادهما في الدين فلأن تنقطع ما بين المهاجرة وزوجها أحق وأولى كما يفصح عنه قوله عز وجل فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولاهم يحلون لهن الآية «كتاب الله» مصدر مؤكد أي كتب الله «عليكم» تحريم هؤلاء كتابا وفرضة فرضا وقيل منصوب على الإغراء بفعل مضمر أي مؤكد أي الزموا كتاب الله وعليكم متعلق إما بالمصدر وإما بمحذوف وقع حالا منه وقيل هو إغراء آخر مؤكد لما قبله قد حذف مفعوله لدلالة المذكور عليه أو بنفس عليكم على رأى من جوز تقديم المنصوب في باب الإغراء كما في قوله * يا أيها المائح دلوى دونكا * أنى رأيت الناس يحمدونكا * وقرئ كتب الله بالجمع والرفع أي هذه فرائض الله عليكم وقرئ كتب الله بلفظ الفعل «وأحل لكم» عطف على حرمت عليكم الخ وتوسيط قوله تعالى كتاب الله عليكم بينهما للمبالغة في الحمل على المحافظة على المحرمات المذكورة وقرئ على صيغة المبنى للفاعل فيكون معطوفا على الفعل المقدر وقيل بل على حرمت الخ فإنهما جملتان متقابلتان مؤسستان للتحريم والتحليل المنوطين بأمر الله تعالى ولا ضير في اختلاف المسند إليه بحسب الظاهر لا سيما بعد ما أكدت الأولى بما يدل على أن المحرم هو الله تعالى «ما وراء ذلكم» إشارة إلى ما ذكر من المحرمات المعدودة أي أحل لكم نكاح ما سواهن انفرادا وجمعا ولعل إيثار اسم الإشارة المتعرض لوصف المشار إليه وعنوانه على الضمير المتعرض للذات فقط لتذكير ما في كل واحدة منهن من العنوان الذي عليه يدور حكم الحرمة فيفهم مشاركة من في معناهن لهن فيها بطريق الدلالة فإن حرمة الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها ليست بطريق العبارة بل بطريق الدلالة كما سلف وقيل ليس المراد بالإحلال الإحلال مطلقا أي على جميع الأحوال حتى يرد انه يلزم منه حل الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها بل إنما هو إحلالهن في الجملة أي على بعض الأحوال ولا ريب في حل نكاحهن بطريق الانفراد ولا يقدح في ذلك حرمته بطريق الجمع إلا يرى أن حرمة نكاح المعتدة والمطلقة ثلاثا والخامسة ونكاح الأمة على الحرة ونكاح الملاعنة لا تقدح في حل نكاحهن بعد العدة وبعد التحليل وبعد تطليق الرابعة وانقضاء العدة وبعد تطليق الحرة وبعد إكذاب الملاعن نفسه وأنت خبير بان الحل يجب أن يتعلق ههنا بما تعلق به الحرمة فيما سلف وقد تعلق ههنا بالجمع فلا بد أن يتعلق الحل به أيضا «أن تبتغوا» متعلق بالفعلين المذكورين على أنه
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (3 - سورة آل عمران) 2
2 قوله تعالى: قل أنبئكم بخير من ذلكم اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار. 15
3 قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. 25
4 قوله تعالى: فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله 40
5 (الجزء الرابع) قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل نفسه من قبل أن تنزل التوراة 58
6 قوله تعالى: من أهل الكتاب أمة قائمة يتلوا آيات الله آناء الليل وهم يسجدون. 72
7 قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. 85
8 قوله تعالى: إذ تصعدون ولا تتلون على أحد والرسول يدعوكم. 100
9 قوله تعالى: لتبلون في أموالكم وأنفسكم 123
10 (4 - سورة النساء) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي من نفس واحدة. 137
11 قوله تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد. 151
12 (الجزء الخامس) قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. 163
13 قوله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. 175
14 قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها. 201
15 قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا. 212
16 قوله تعالى: ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة. 224
17 قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس. 232
18 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط. 242
19 (الجزء السادس) قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم. 247
20 قوله تعالى: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. 254