الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٩٨
قتلناه فكان شر مولود وكان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة ويشب في الجمعة شباب غيره في الشهر ويشب في الشهر شباب غيره في السنة فاجتمع الثمانية الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون وفيهم الشيخان فقالوا استعمل علينا هذا الغلام لمنزلته وشرف جديه فكانوا تسعة وكان صالح لا ينام معهم في القرية كان يبيت في مسجده فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذكرهم وإذا أمسى خرج إلى مسجده فبات فيه قال حجاج وقال ابن جريج لما قال لهم صالح انه سيولد غلام يكون هلاككم على يديه قالوا فكيف تأمرنا قال آمركم بقتلهم فقتلوهم الا واحدا قال فلما بلغ ذلك المولود قالوا لو كنا لم نقتل أولادنا لكان لكل رجل منا مثل هذا هذا عمل صالح فائتمروا بينهم بقتله وقالوا نخرج مسافرين والناس يروننا علانية ثم نرجع من ليلة كذا من شهر كذا وكذا فنرصده عند مصلاه فنقتله فلا يحسب الناس الا انا مسافرون كما نحن فاقبلوا حتى دخلوا تحت صخرة يرصدونه فأرسل الله عليهم الصخرة فرضختهم فأصبحوا رضخا فانطلق رجال ممن قد اطلع على ذلك منهم فإذا هم رضخ فرجعوا يصيحون في القرية أي عباد الله أما رضى صالح ان أمرهم ان يقتلوا أولادهم حتى قتلهم فاجتمع أهل القرية على قتل الناقة أجمعين وأحجموا عنها الا ذلك ابن العاشر ثم رجع الحديث إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأرادوا ان يمكروا بصالح فمشوا حتى أتوا على شرب طريق صالح فاختبأ فيه ثمانية وقالوا إذا خرج علينا قتلناه وأتينا أهله فبيتناهم فامر الله الأرض فاستوت عليهم فاجتمعوا ومشوا إلى الناقة وهي على حوضها قائمة فقال الشقي لأحدهم ائتها فاعقرها فأتاها فتعاظمه ذلك فاضرب عن ذلك فبعث آخر فأعظمه ذلك فجعل لا يبعث رجلا الا تعاظمه أمرها حتى مشى إليها وتطاول فضرب عرقوبيها فوقعت تركض فرأى رجل منهم صالحا فقال أدرك الناقة فقد عقرت فاقبل وخرجوا يتلقونه ويعتذرون إليه يا نبي الله انما عقرها فلان انه لا ذنب لنا قال فانظروا هل تدركون فصيلها فان أدركتموه فعسى الله ان يرفع عنكم العذاب فخرجوا يطلبونه فلما رأى الفصيل أمه تضطرب أتى جبلا يقال له القارة قصير فصعد وذهبوا ليأخذوه فأوحى الله إلى الجبل فطال في السماء حتى ما تناله الطير ودخل صالح القرية فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه ثم استقبل صالحا فرغا رغوة ثم رغا أخرى ثم رغا أخرى فقال صالح لقومه لكل رغوة أجل فتمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب الا ان آية العذاب ان اليوم الأول تصبح وجوهكم مصفرة واليوم الثاني محمرة واليوم الثالث مسودة فلما أصبحوا إذا وجوههم كأنها قد طليت بالخلوق صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم الا قد مضى يوم من الاجل وحضركم العذاب فلما أصبحوا اليوم الثاني إذا وجوههم محمرة كأنها خضبت بالدماء فصاحوا وضجوا وبكوا وعرفوا أنه العذاب فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم الا قد مضى يومان من الاجل وحضركم العذاب فلما أصبحوا اليوم الثالث فإذا وجوههم مسودة كأنها طليت بالقار فصاحوا جميعا ألا قد حضركم العذاب فتكفنوا وتحنطوا وكان حنوطهم الصبر والمغر وكانت أكفانهم الأنطاع ثم ألقوا أنفسهم بالأرض فجعلوا يقلبون أبصارهم فينظرون إلى السماء مرة والى الأرض مرة فلا يدرون من أين يأتيهم العذاب من فوقهم من السماء أم من تحت أرجلهم من الأرض خسفا أو قذفا فلما أصبحوا اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شئ له صوت في الأرض فتقطعت قلوبهم في صدورهم فأصبحوا في ديارهم جاثمين * وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي الطفيل قال قال ثمود لصالح ائتنا بآية ان كنت من الصادقين قال اخرجوا فخرجوا إلى هضبة من الأرض فإذا هي تمخض كما تمخض الحامل ثم انها انفرجت فخرجت الناقة من وسطها فقال لهم صالح هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم فلما ملوها عقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب * وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة ان صالحا قال لهم حين عقروا الناقة تمتعوا ثلاثة أيام ثم قال لهم آية عذابكم ان تصبح وجوهكم غدا مصفرة وتصبح اليوم الثاني محمرة ثم تصبح الثالث مسودة فأصبحت كذلك فلما كان اليوم الثالث أيقنوا بالهلاك فتكفنوا وتحنطوا ثم أخذتهم الصيحة فأهمدتهم وقال عاقر الناقة لا أقتلها حتى ترضوا أجمعين فجعلوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقولون أترضين فتقول نعم والصبي حتى رضوا أجمعين فعقروها * وأخرج
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست