الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٨٧
فكان الطمع دخولا قال ابن مسعود ان العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر وإذا عمل سيئة لم تكتب الا واحدة ثم يقول هلك من غلب وحدانه أعشاره * وأخرج ابن جرير عن حذيفة قال أصحاب الأعراف قوم كانت لهم أعمال أنجاهم الله من النار وهم آخر من يدخل الجنة قد عرفوا أهل الجنة وأهل النار * وأخرج ابن جرير عن حذيفة قال إن أصحاب الأعراف تكافأت أعمالهم فقصرت بهم حسناتهم عن الجنة وقصرت بهم سيئاتهم عن النار فجعلوا على الأعراف يعرفون الناس بسيماهم فلما قضى بين العباد أذن لهم في طلب الشفاعة فاتوا آدم فقالوا يا آدم أنت أبونا اشفع لنا عند ربك فقال هل تعلمون أحدا خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وسبقت رحمة الله إليه غضبه وسجدت له الملائكة غيري فيقولون لا فيقول ما علمت كنه ما أستطيع ان أشفع لكم ولكن ائتوا ابني إبراهيم فيأتون إبراهيم فيسألونه ان يشفع لهم عند ربه فيقول هل تعلمون أحدا اتخذه الله خليلا هل تعلمون أحدا أحرقه قومه في الله غيري فيقولون لا فيقول ما علمت كنه ما أستطيع ان أشفع لكم ولكن ائتوا ابني موسى فيأتون موسى فيقول هل تعلمون من أحد كلمه الله تكليما وقربه نجيا غيري فيقولون لا فيقول ما علمت كنه ما أستطيع ان أشفع لكم ولكن ائتوا عيسى فيأتونه فيقولون اشفع لنا عند ربك فيقول هل تعلمون أحدا خلقه الله من غير أب غيري فيقولون لا فيقول هل تعلمون من أحد كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله غيري فيقولون لا فيقول أنا حجيج نفسي ما علمت كنه ما أستطيع ان أشفع لكم ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتونني فاضرب بيدي على صدري ثم أقول انا لها ثم أمشى حتى أقف بين يدي العرش فأثنى على ربى فيفتح لي من الثناء ما لم يسمع السامعون بمثله قط ثم اسجد فيقال لي يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع فارفع رأسي فأقول رب أمتي فيقول هم لك فلا يبقى نبي مرسل ولا ملك مقرب الا غبطني يومئذ بذلك المقام وهو المقام المحمود فأتي بهم باب الجنة فاستفتح فيفتح لي ولهم فيذهب بهم إلى نهر يقال له نهر الحياة حافتاه قضب من ذهب مكلل باللؤلؤ ترا به المسك وحصباؤه الياقوت فيغتسلون منه فتعود إليهم ألوان أهل الجنة وريح أهل الجنة ويصيرون كأنهم الكواكب الدرية وتبقى في صدورهم شامات بيض يعرفون بها يقال لهم مساكين أهل الجنة * وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد بن السرى وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن حذيفة قال أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم غادرت بهم سيئاتهم عن النار وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة جعلوا على سور بين الجنة والنار حتى يقضى بين الناس فبينما هم كذلك إذا طلع عليهم ربهم فقال لهم قوموا فأدخلوا الجنة فإني غفرت لكم * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله وعلى الأعراف قال هو السور الذي بين الجنة والنار وأصحابه رجال كانت لهم ذنوب عظام وكان جسيم أمرهم لله يقومون على الأعراف يعرفون أهل النار بسواد الوجوه وأهل الجنة ببياض الوجوه فإذا نظروا إلى أهل الجنة طمعوا أن يدخلوها وإذا نظروا إلى أهل النار تعوذوا بالله منها فأدخلهم الله الجنة فذلك قوله أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة يعنى أصحاب الأعراف ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون * وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضع الميزان يوم القيامة فتوزن الحسنات والسيئات فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال صؤابة دخل الجنة ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال صؤابة دخل النار قيل يا رسول الله فمن استوت حسناته وسيئاته قال أولئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطمعون * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي زرعة بن عمر وبن جرير قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال هم آخر من يفصل بينهم من العباد فإذا فرغ رب العالمين من الفصل بين العباد قال أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار ولم تدخلوا الجنة فأنتم عتقائي فارعوا من الجنة حيث شئتم * وأخرج البيهقي في البعث عن حذيفة أراه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الناس يوم القيامة فيؤمر باهل الجنة لي الجنة ويؤمر باهل النار إلى النار ثم يقال لأصحاب الأعراف ما تنتظرون قالوا ننتظر أمرك فيقال لهم ان حسناتكم تجاوزت بكم النار ان تدخلوها وحالت بينكم وبين الجنة خطاياكم فأدخلوا
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست