الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ١٧٥
الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طست ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الحصباء وقال شاهت الوجوه فانهزمنا فذلك قول الله تعالى وما رميت إذ رميت الآية * وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال سمعت صوت حصيات وقعن من السماء يوم بدر كأنهن وقعن في طست فلما اصطف الناس أخذهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمى بهن في وجوه المشركين فانهزموا فذلك قوله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى * وأخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وما رميت إذ رميت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى رضي الله عنه ناولني قبضة من حصباء فناوله فرمى بها في وجوه القوم فما بقى أحد من القوم الا امتلأت عيناه من الحصباء فنزلت هذه الآية وما رميت إذ رميت * وأخرج ابن جرير عن محمد بن قيس ومحمد بن كعب القرظي رضي الله عنهما قالا لما دنا القوم بعضهم من بعض أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم وقال شاهت الوجوه فدخلت في أعينهم كلهم وأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتلونهم وكانت هزيمتهم في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى إلى قوله سميع عليم * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال لما كان يوم أحد أخذ أبي بن خلف يركض فرسه حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترض رجال من المسلمين لأبي بن خلف ليقتلوه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم استأخروا فاستأخروا فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حربته في يده فرمى بها أبي بن خلف وكسر ضلعا من أضلاعه فرجع أبي بن خلف إلى أصحابه ثقيلا فاحتملوه حين ولوا قافلين فطفقوا يقولون لا باس فقال أبى حين قالوا له ذلك والله لو كانت بالناس لقتلتهم ألم يقل انى أقتلك إن شاء الله فانطلق به أصحابه ينعشونه حتى مات ببعض الطريق فدفنوه قال ابن المسيب رضي الله عنه وفى ذلك أنزل الله تعالى وما رميت إذ رميت الآية * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب والزهري رضي الله عنهما قالا أنزلت في رمية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبي بن خلف بالحربة وهو في لامته فخدشه في ترقوته فجعل يتدأدأ عن فرسه مرارا حتى كانت وفاته بها بعد أيام قاسى فيها العذاب الأليم موصولا بعذاب البرزخ المتصل بعذاب الآخرة * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الزهري رضي الله عنه في قوله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى قال حيث رمى أبي بن خلف يوم أحد بحربته فقيل له ان يك الا جحش قال أليس قال أنا أقتلك والله لو قالها لجميع الخلق لماتوا * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ابن أبي الحقيق دعا بقوس فأتى بقوس طويلة فقال جيئوني بقوس غيرها فجاؤه بقوس كيداء فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحصن فاقبل السهم يهوى حتى قتل ابن أبي الحقيق في فراشه فأنزل الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى * وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله ولكن الله رمى أي لم يكن ذلك برميتك لولا الذي جعل الله تعالى من نصرك وما ألقى في صدور عدوك منها حتى هزمتهم وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا أي يعرف المؤمنين من نعمته عليهم في اظهارهم على عدوهم مع كثرة عدوهم وقلة عددهم ليعرفوا بذلك حقه ويشكروا بذلك نعمته * قوله تعالى (ان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) الآية * أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وابن منده والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب عن عبد الله ابن ثعلبة بن صعير ان أبا جهل قال حين التقى القوم اللهم أقطعنا للرحم وأتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة فكان ذلك استفتاحا منه فنزلت ان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح الآية * وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ان تستفتحوا يعنى المشركين ان تستنصروا فقد جاءكم المدد * وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه قال قال أبو جهل يوم بدر اللهم انصر أهدى الفئتين وأفضل الفئتين وخير الفئتين فنزلت ان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح * وأخرج أبو عبيد عن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان يقرأ ان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وان تنتهوا فهو خير لكم وان تعودوا نعدو لن نغني عنهم فئتهم من الله شيئا * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ان تستفتحوا فقد جاءكم
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست