الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ١٥٤
فإن قلت: خصوص الفرد المكروه [من] العبادة وجوده راجح على عدمه أم لا؟!
قلت: قد يكون راجحا وقد لا يكون، ولا محذور في شئ منهما..
مثلا: في الصلاة في الحمام، يحوز أن يكون الثواب الذي بإزاء مطلق الصلاة يزيد على الكراهة التي حصلت بسبب الوصف، وحينئذ يكون وجود الصلاة المخصوصة راجحا على عدمها، إلا أنه لما لم يكن في غير الحمام تلك الكراهة أيضا وقع النهي التنزيهي عنها.
وأما الصوم في الأيام المكروهة أو في السفر مثلا، فالظاهر أنه ليس براجح، بل يجوز أن يكون مرجوحا، إذ الواجب إنما هو رجحان أصل العبادة، لا خصوص الفرد، وحينئذ يجوز أن يكون أصل الصوم له فضيلة، لكن كونه في هذا اليوم كان مرجوحا، لقبح يقابل تلك الفضيلة أو يساويها، فتساقطا أو يرجح عليها، على وجه لا ينتهض سببا للعقاب، فتدبر.
فإن قلت: إذا لم يكن خصوص تلك العبادة راجحة، فكيف يمكن نية التقرب بها إلى الله تعالى، لأنها مما لا يعقل بدون رجحانها؟! وإذا لم يكن فعلها بتلك النية فلا تكون عبادة، إذ لا بد فيها من تلك النية، بل تكون من قبيل سائر الأشياء المكروهة، ويكون التقرب بها محرما.
قلت: كون نية التقرب لا يستلزم إلا كون مطلق تلك العبادة راجحا، وإن كان كونها في هذا الوقت موجبا لمرجوحيتها، مثل الصلاة في المكان المغصوب، فإنه لو لم تكن باطلة بدليل من خارج لكان الظاهر كونها صحيحة، ولكان يكفي في نيتها راجحية أصل الصلاة، وإن كان وقوعها في ذلك المكان موجبا لعقاب ربما كان أزيد من ثواب أصل الصلاة.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست