الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ١٠٨
وينبه على [ذلك] أن الإمام (عليه السلام) لم يستفصل من يزيد أن نبيذهم هل هو من المسكر أم لا، فلعله لم يكن من المسكر ولم يحتج إلى الإنكار.
وبالجملة، لا خفاء في أن نبيذهم كان مسكرا، فالشرط وارد مورد العادة، ومثله لم يكن له مفهوم حجة، وأحتمل أن يكون الغرض [من] الكذب مثل قول الناس: إن كان قول الله صدقا فكذا، أو يكون شرطهم مقصورا في القليل، بناء على أن كثيره يسكر وكانوا يحترزون عن السكر، ويظهر ذلك من الأخبار المتعددة فيها (1).
وكذا أنه بعد ما نقل الصادق (عليه السلام) قول الرسول (صلى الله عليه وآله): " كل مسكر حرام " قال له الرجل: إن من عندنا يقولون: عنى بذلك القدح [الذي] يسكر (2).
الحديث، ولعل [هذا] هو السرفي أن الأكثر (3) تعرضوا لهذا المعنى من دون منشأ.
سلمنا، لكن المفهوم لا عموم له عند المحققين.
وبالجملة، فرق بين أن يقول: إن كان يسكر فلا تشرب، وإن كان كثيره يسكر فلا تشرب قليله.
ومن أدلته، رواية وفد اليمن حين بعثوا جمعا منهم، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن النبيذ، فقال: " وما النبيذ؟ "، فقال: يؤخذ ماء التمر فيطبخ فإذا انطبخ ألقوه في إناء آخر (4) وصفوه ثم يصب عليه من عكر ما كان قبله، ثم يهدر ويغلى، ثم يسكن على عكره، فقال: " قد أكثرت علي أفيسكر؟ " قالوا: نعم، قال:
" حرام "، ثم رجع الوفد إليه (صلى الله عليه وآله) فسألوه مشافهة فكان السؤال والجواب على

(١) لاحظ! وسائل الشيعة: ٢٥ / ٣٣٦ الباب ١٧ من أبواب الأشربة المحرمة.
(٢) لاحظ! الكافي: ٦ / ٤٠٩ الحديث ١١، وسائل الشيعة: ٢٥ / 339 الحديث 32068.
(3) في النسخ الخطية: (في أن أكثر)، والظاهر أن الصواب ما أثبتناه.
(4) في النسخ: (ألقوه وأما آخر)، وما أثبتناه في المتن هو الموافق للمصادر.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست