الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ١٠٤
أن يجعلوه شرابا آخر يدخلون فيه أدوية أخر ومغيرات ومشددات.
فعلى هذا القول، لا مانع من أن يكون بالغليان والنشيش ما يحدث فيه الدرجة الضعيفة من السكر، يعني شيئا ضعيفا من أثره وإن لم يكن يسمى في العرف خمرا ولم يجعل داخلا في جنسه، ويكون الشارع حرم هذا لكونه درجة من درجات السكر ومرتبة من مراتبه وإن كانت ضعيفة غاية الضعف بحيث لا يحس به إلا الحذاق الماهرين (1) في الفن، كيف وهو حرم القطرة والذرة - على حسب ما أشرنا إليه - مع عدم سكر أصلا حسما لمادة الفساد؟!
فإن قلت: القطرة والذرة خمر لغة وعرفا، وما ذكرت واحتملت من الأثر فلا يصدق عليه السكر عرفا، والمناط هو العرف واللغة.
قلت: العرف مناط إذا لم يظهر من الشرع اصطلاح، كما هو المقرر، وقد ظهر منه ما ظهر، والفقهاء القدماء الخبيرون الفاضلون المعاصرون الشاهدون السالمون من الشبهات والاجتهادات فهموا ما فهموا، وأفتوا بما أفتوا، وأجروا جميع أحكام الخمر ما أجروا، والرواة حين سألوا عن بدء تحريم الخمر واتخاذه فأجيبوا بحكاية الثلث والثلثين فقط، من دون تعرض إلى أمر آخر، فسكتوا بمجرد ذلك وقنعوا من دون تأمل ولا تحير ولا تزال.. إلى غير ذلك مما أشرنا إليه.
على أنه غير خفي أن المناط في المقام ليس الصدق العرفي، بل ما هو أثر الخمر وعاقبتها وإن كان أثرا ضعيفا، وأدنى عاقبة منها، بل ولو على سبيل الاحتمال أيضا، كما عرفت مفصلا.
ألا ترى أن الطبيب إذا قال لمريض: يضرك ويهلكك الخل والأشياء

(1) في النسخ: (إلا المذاق الماهرين)، والظاهر أن الصحيح ما أثبتناه.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست