الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة المقدمة ١٣
عليه وظيفته الشرعية من الطرق العلاجية لأمثال هذه الحوادث.
وكانت أول قدم رفعها في هذا السبيل - كما يحدثنا بذلك في " مرآة الأحوال " - أنه غادر مسقط رأسه، بعد أن فقد عماده ووالده المعظم، كي يترك آنذاك المحيط المشوب بالفتن والاضطرابات، وليستغل هجرته لكي يعطي المجتمع الشيعي جملة من مؤلفاته ورسائله في باب الإمامة وغيره، وليربي ثلة طاهرة من الأعلام يبثهم في بلاد الإسلام، كي يحفظوا المعتقدات الشيعية، ويسعوا في حماية مبادئ الدين القويم.
وعندما يجد مترجمنا طاب ثراه الأرضية المساعدة للعودة إلى بلده إيران يتوجه إلى بلدة بهبهان - التي كانت تعد آنذاك معقلا مهما للأخباريين - ويلبث هناك ثلاثين سنة يسبغ فيها رعايته وعنايته العلمية، ويدفع خلالها الخطر الكبير المتوجه إلى العالم الشيعي - أعني تفريغ المذهب من القدرة العقلية والتفكر - ومن ثم حك تهمة الجمود والتحجر اللتين وسمت بهما الطائفة - ويا للأسف! - وبعد ذاك يهاجر مجددنا مجددا إلى كربلاء كي يرعى ويحنو على حوزتها العلمية، ليبدأ جهادا جديدا وبشكل آخر.
ولم يغفل شيخنا طاب ثراه عن خطر رسوخ فكرة التصوف واستغلال وساطة بعض جهال الطائفة من قبل هذه الفرقة، مما حدى به إلى إرسال ولده الأرشد العالم المجتهد الآقا محمد علي لإطفاء هذه الغائلة التي تمركزت - آنذاك - في كرمانشاه وحواليها، فكان ذلك الشبل جديرا - وبكل كفاءة - بالقيام بهذه المهمة الصعبة، ولا غرابة، إذ تربى في ذلك الحضن الطاهر، ورعي من ذلك الأب الكبير.
وسنرجع للحديث عنه وما قام به من خدمات ومساعي جميلة في هذا الباب في مقدماتنا لكتبه إن شاء الله تعالى.
(المقدمة ١٣)
الفهرست