الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة المقدمة ١٧
ما قيل فيه:
لعلنا لا نغالي لو قلنا: إنه قل بين علماء وأعاظم الشيعة من وفق لأن تتفق عليه أنظار معاصريه في جميع أبعاده العلمية والعملية، وتوفيقاته الوافرة في ترويج الدين الحنيف وتحكيم مباني الشرع المنيف، ولنذكر لك نزرا يسيرا مما قيل فيه:
أ: قال العلامة المحقق الشيخ عبد النبي القزويني (رحمه الله) - الذي كان ممن عاصر المصنف طاب ثراه - ما نصه:
آقا محمد باقر بن أكمل الدين محمد الإصبهاني البهبهاني الحائري، فقيه العصر، فريد الدهر، وحيد الزمان، صدر فضلاء الزمان، صاحب الفكر العميق والذهن الدقيق، صرف عمره في اقتناء العلوم واكتساب المعارف والدقائق وتكميل النفس بالعلم بالحقائق، فحباه الله باستعداده علوما لم يسبقه أحد فيها من المتقدمين ولا يلحقه أحد من المتأخرين إلا بالأخذ منه، ورزقه من العلوم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، لدقتها ورقتها ووقوعها موقعها، فصار اليوم إماما في العلم، وركنا للدين، وشمسا لإزالة ظلم الجهالة، وبدرا لإزاحة دياجير البطالة، فاستنارت الطلبة بعلومه، واستضاء الطالبون بفهومه، واستطارت فتاواه كشعاع الشمس في الإشراق، مد الله ظلاله على العالمين، وأمدهم بجود وجوده إلى يوم الدين.
ومن زهده في الدنيا أنه دام ظله اختار السدد السنية والأعتاب العلية، فجعل مجاورتها له أقر من رقدة الوسنان، وأثلج من شربة الظمآن، وأذهب للجوع من رغفة الجوعان، فصير ترابها ذرورا لباصرته، وماءها المملح الزعاق أحلى من السكر لذائقته، وهمهمة الزوار مقوية لسامعته، ورمالها وجنادلها مفرشا لينا للامسته، ورياح أعراق الزائرين غالية لشامته. مع أنه لو أراد عراق العجم وخراسان، وشيراز وأصبهان، لحملوه إليهم بأجفان العيون، وجعلوه إماما يركنون
(المقدمة ١٧)
الفهرست