تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٥٤٣
حاجب بن أحمد الطوسي حدثنا محمد بن حماد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على الصفا فقال يا صاحباه قال فاجتمعت إليه قريش فقالوا له مالك قال أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أما كنتم تصدقوني قالوا بلى قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تبا لك ألهذا دعوتنا جميعا فأنزل الله عز وجل (تبت يدا أبي لهب وتب) إلى آخرها قوله (تبت) أي خابت وخسرت يا أبي لهب أي هو أخبر عن يديه والمرد به نفسه على عادة العرب في التعبير ببعض الشيء عن كله وقيل اليد صلة كما يقال يد الدهر ويد الرزايا والبلايا وقيل المراد به ماله وملكه يقال فلان قليل ذات اليد يعنون به المال والثياب والخسار الهلاك وأبو لهب هو ابن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم واسمه عبد العزى قال مقاتل كني بأبي لهب لحسنه وإشراق وجهه وقرأ ابن كثير (أبي لهب) ساكنة الهاء وهي مثل نهر ونهر واتفقوا في ذات (لهب) أنها مفتوحة الهاء لوفاق الفواصل وتب أبو لهب وقرأ عبد الله وقد تب قال الفراء الأول دعاء والثاني خبر كما يقال أهلكه الله وقد فعل (ما أغنى عنه ماله وما كسب) قال ابن مسعود لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرباءه إلى الله عز وجل قال أبو لهب إن كان ما يقول ابن أخي حقا فإني افتدي نفسي بمالي وولدي فأنزل الله تعالى (ما أغنى عنه ماله) أي ما يغني وقيل أي شيء يغني عنه ماله أي ما يدفع عنه عذاب الله ما جمع من المال وكان صاحب مواش (وما كسب) قيل يعني ولده لأنه ولد الإنسان من كسبه كما جاء في الحديث أطيب ما يأكل أحدكم من كسبه وإن ولده من كسبه ثم أوعده بالنار فقال (سيصلى نارا ذات لهب) أي نارا تلتهب عليه (وامرأته) أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان (حمالة الحطب) قال زيد والضحاك كانت تحمل الشوك والعضاة فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لتعقرهم وهي رواية عطية عن ابن عباس وقال قتادة ومجاهد والسدي كانت تمشي بالنميمة وتنقل الحديث فتلقي العداوة بين الناس وتوقد نارها كما توقد النار الحطب يقال فلان يحطب على فلان إذا كان يغري به وقال سعيد بن جبير حمالة الخطايا دليله قوله (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) قرأ عاصم (حمالة) بالنصب على الذم كقوله (ملعونين) وقرأ الآخرون بالرفع وله وجهان أحدهما (سيصلى نارا) هو (وامرأته حمالة الحطب) والثاني (وامرأته حمالة الحطب) في النار أيضا (في جيدها) في عنقها وجمعه أجياد (حبل من مسد) واختلفوا فيه قال ابن عباس وعروة بن الزبير سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعا تدخل في فيها وتخرج من دبرها ويكون سائرها في عنقها وأصله من المسد وهو الفتل والمسد ما فتل وأحكم من أي شيء كن يعني السلسلة التي في عنقها
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»