تفسير البغوي - البغوي - ج ٤ - الصفحة ٥٤٠
طريقا غير طريقه فقتلا جميعا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا مكة أن لا يقاتلوا أحدا إلا من قاتلهم إلا في نفر سماهم أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح وإنما أمر بقتله لأنه كان قد أسلم فارتد مشركا ففر إلى عثمان وكان أخاه من الرضاعة فغيبه حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اطمأن أهل مكة فاستأمن له وعبد الله بن خطل كان رجلا من بني تميم بن غالب وإنما أمر بقتله لأنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وكان له مولى يخدمه وكن مسلما فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح له تيسا ويصنع له طعاما ونام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فتله ثم ارتد مشركا وكانت له قينتان تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلهما معه والحويرث بن نقيد بن وهب كان ممن يؤذيه بمكة ومقيس بن صبابة وإنما أمر بقتله لقتله الأنصاري الذي قتل أخاه خطأ ورجوعه إلى قريش مرتدا وسارة مولاة كانت لبعض بني المطلب كانت ممن يؤذيه بمكة وعكرمة بن أبي جهل فأما عكرمة فهرب إلى اليمن وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام فاستأمنت له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه فخرجت في طلبه حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وأما عبد الله بن خطل فقتله سعد بن حريث المخزومي وأبو برزة السلمي اشتركا في تدمه وأما عقيس بن صبابة فقتله نميلة بن عبد الله رجل من قومه وأما قينتا بن خطل فقتلت إحداهما وهربت الأخرى حتى استؤمن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنها وأما سارة فتغيبت حتى استؤمن لها فأمنها فعاشت حتى أوطأها رجل من الناس فرسا له في زمن عمر بن الخطاب بالأبطح فقتلها وأما الحويرث بن نقي فتقله علي بن أبي طالب فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقف قائما على باب الكعبة وقال لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده إلا إن كل مأثرة أو دم أو مال في الجاهلية يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظيمها بالآباء الناس من آدم وآدم خلق من تراب ثم تلا (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) الآية يا أهل مكة ماذا ترون أني فاعل بكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنوة فلذلك سمي أهل مكة الطلقاء ثم اجتمع الناس للبيعة فجلس لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفاء وعمر بن الخطاب أسفل منه يأخذ على الناس فبايعوه على السمع والطاعة فيما الستطاعوا فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء قال عروة بن الزبير خرج صوفوان بن أمية يريد جدة ليركب منها إلى اليمن فقال عمير بن وهب الجمحي يا نبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومي وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر فآمنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو آمن قال يا رسول اله أعطني شيئا يعرف به أمانك فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامته التي تخل بها مكة فخرج بها عمير حتى أدركه بجدة وهو يريد أن يركب البحر فقال يا صفوان فداك أبي وأمي أذكرك الله في نفسك أنتهلكها فهذا أمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ق جئتك به فقال ويلك اغرب عني فلا تكلمني قال أي صفوان فد \ ك أبي وأمي أفضل الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس ابن عمتك عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك قال إني أخفه على نفسي قال هو أحلم من ذلك وأكرم
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»