تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٢٥٧
ربه وخلف السبعين وأمرهم أن يتبعوه إلى الجبل، فقال الله سبحانه له: وما أعجلك عن قومك " * (يا موسى) *) فقال مجيبا لربه " * (هم أولاء) *) يعني " * (على أثري) *) هؤلاء يجيئون " * (وعجلت إليك رب لترضى) *) لتزداد رضا " * (قال) *) الله سبحانه " * (فإنا قد فتنا) *) ابتلينا " * (قومك) *) الذين خلفتهم مع هارون وكانوا ستمائة ألف فافتتنوا بالعجل غير اثني عشر ألفا " * (من بعدك) *) من بعد انطلاقك إلى الجبل " * (وأضلهم السامري) *) يعني دعاهم وصرفهم إلى عبادة العجل وحملهم عليها.
" * (فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) *) حزينا جزعا " * (قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا) *) صدقا أنه يعطيكم التوراة " * (أفطال عليكم العهد) *) مدة مفارقتي إياكم " * (أم أردتم أن يحل) *) يجب " * (عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي) *) وذلك أن الله سبحانه كان قد وقت لموسى ثلاثين ليلة ثم أتمها بعشر، فلما مضت الثلاثون قال عدو الله السامري...
قال سعيد بن جبير: كان السامري من أهل كرمان فقال لهم: إنما أصابكم هذا عقوبة لكم بالحلي التي معكم، وكانت حليا استعاروها من القبط، فهلموا بها واجمعوها حتى يجيء موسى فيقضي فيه، فجمعت ودفعت إليه فصاغ منها عجلا في ثلاثة أيام ثم قذف فيه القبضة التي أخذها من أثر فرس جبرئيل، فقال قوم موسى له: " * (قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا) *) قرأ أهل المدينة وعاصم: بملكنا بفتح الميم، وقرأ حمزة والكسائي وخلف بضم الميم، الباقون: بكسرها، ومعناها بسلطاننا وطاقتنا وقدرتنا.
قال مقاتل: يعني ونحن نملك أمرنا، وقيل: باختيارنا.
" * (ولكنا حملنا) *) قرأ أهل الحجاز والشام وحفص: حملنا بضم الحاء وتشديد الميم، الباقون: حملنا بفتح الحاء والميم مخففة " * (أوزارا) *) أثقالا وأحمالا " * (من زينة القوم) *) من حلي قوم فرعون " * (فقذفناها) *) فجمعناها ودفعناها إلى السامري، فألقاها في النار لترجع أنت فترى فيه رأيك " * (فكذلك ألقى السامري) *) ما معه من الحلي معنا كما ألقينا " * (فأخرج لهم عجلا جسدا) *) لا روح فيه، صاغ لهم عجلا من ذهب مرصع بالجواهر " * (له خوار) *) صوت، وذلك أنه خار خورة واحدة ثم لم يعد.
قال ابن عباس: أتى هارون على السامري وهو يصنع العجل فقال: ما تصنع؟ قال: أصنع ما ينفع ولا يضر، فقال: اللهم أعطه ما سألك على ما في يقينه فلما قال: اللهم إني أسألك أن يخور؛ فخار فسجد، وإنما خار لدعوة هارون " * (فقالوا هذا إلاهكم وإلاه موسى فنسي) *) أي ضل وأخطأ الطريق، وقيل: معناه فتركه ها هنا وخرج يطلبه.
قال الله سبحانه " * (أفلا يرون ألا يرجع) *) يعني أنه لا يرجع " * (إليهم قولا) *) أي لا يكلمهم العجل ولا يجيبهم، وقيل: يعني لا يعود إلى الخوار والصوت " * (ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ولقد قال لهم هارون من قبل) *) يعني من قبل رجوع موسى " * (يا قوم إنما فتنتم به) *))
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»