تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٢٥٨
ابتليتم بالعجل " * (وإن ربكم الرحمان فأتبعوني) *) على ديني " * (وأطيعوا أمري) *) فلا تعبدوه " * (قالوا لن نبرح عليه عاكفين) *) لن نزال على عبادته مقيمين " * (حتى يرجع إلينا موسى) *) فاعتزلهم هارون في اثني عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل، فلما رجع موسى وسمع الصياح والجلبة، وكانوا يرقصون حول العجل، قال السبعون الذين معه: هذا صوت الفتنة، فلما رأى هارون أخذ شعره بيمينه ولحيته بشماله وقال له " * (يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا) *) أخطأوا وأشركوا " * (ألا تتبعني) *) يعني أن تتبع أمري ووصيتي ولا صلة، وقيل: معناه: ما منعك من اللحوق بي وإخباري بضلالتهم فتكون مفارقتك إياهم تقريعا وزجرا لهم عما أتوه؟ وقيل: معناه: هلا قاتلتهم إذ علمت أني لو كنت فيما بينهم لقاتلتهم على كفرهم.
" * (أفعصيت أمري) *) فقال هارون " * (يا ابن أم) *) قال الكلبي وغيره: كان أخاه لأبيه وأمه ولكنه أراد بقوله: يا بن أم أن يرققه ويستعطفه عليه فيتركه، وقيل: كان أخاه لأمه دون أبيه، وقيل: لأن كون الولد من الأم على التحقيق والأب من جهة الحكم " * (لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) *) يعني ذؤابتي وشعر رأسي إذ هما عضوان مصونان يقصدان بالإكرام والإعظام من بين سائر الأعضاء " * (إني خشيت) *) لو أنكرت عليهم لصاروا حزبين يقتل بعضهم بعضا فتقول " * (فرقت بين بني إسرائيل) *) وأوقعت الفرقة فيما بينهم " * (ولم ترقب قولي) *) ولم تحفظ وصيتي حين قلت لك اخلفني في قومي وأصلح.
قال قتادة في هذه الآية: فذكر الصالحون الفرقة قبلكم، ثم أقبل موسى على السامرى فقال له " * (فما خطبك) *) أمرك وشأنك، وما الذي حملك على ما صنعت " * (يا سامري) *) قال قتادة: كان السامري عظيما من عظماء بني إسرائيل من قبيلة يقال لها سامرة، ولكن عدو الله نافق بعدما قطع البحر مع بني إسرائيل، فلما مرت بنو إسرائيل بالعمالقة وهم يعكفون على أصنام لهم فقالوا: يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فاغتنمها السامرى، فاتخذ العجل فقال السامري مجيبا لموسى: " * (بصرت بما لم يبصروابه) *) رأيت ما لم يروا وعرفت ما لم يعرفوا وفطنت ما لم يفطنوا، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي تبصروا بالتاء على الخطاب، الباقون بالياء على الخبر " * (فقبضت قبضة من أثر الرسول) *) يعني فأخذت ترابا من أثر فرس جبرئيل، وقرأ الحسن فقبصت قبصة بالصاد فيهما، والفرق بينهما أن القبض بجمع الكف والقبص بأطراف الأصابع " * (فنبذتها) *) فطرحتها في العجل " * (وكذلك سولت) *) زينت " * (لي نفسي قال) *) له موسى " * (فاذهب فإن لك في الحياة) *) ما دمت حيا " * (أن تقول لا مساس) *) لا تخالط أحدا ولا يخالطك أحد، وأمر موسى بني إسرائيل أن لا يخالطوه ولا يقربوه.
قال قتادة: إن بقاياهم اليوم يقولون ذلك: لا مساس، ويقال بأن موسى هم بقتل السامري فقال الله: لا تقتله فإنه سخى، وفي بعض الكتب: إنه إن يمس واحد من غيرهم أحدا منهم حم كلاهما في الوقت
(٢٥٨)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)، القتل (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»