يعني: بعد دخول الثلاثين المذكورة، والمراد ذو القعدة كما مر في الأخبار من أنه يوفر الشعر من أول ذي القعدة، لا أن معناه بعد مضي الثلاثين كما توهمه، فإنه معنى مغسول عن الفصاحة لا يمكن نسبته إلى تلك الساحة. وبالجملة فإنه لا بد من تقدير مضاف في البين، وليس تقدير المضي الذي هو في الفساد أظهر من أن يراد بأولى من تقدير الدخول الذي به يتم المراد وتنتظم الرواية مع الروايات السابقة على وجه لا يعتريه الشك والايراد.
وبذلك يظهر لك صحة الرواية ووضوح دلالتها على المدعى، وأن مناقشته فيها وإن تبعه فيها من تأخر عنه كما هي عادتهم غالبا من ما لا ينبغي أن يلتفت إليه ولا يعرج في مقام التحقيق عليه.
ثم إن هذه الرواية قد تضمنت أن الجاهل معذور لا شئ عليه.
والظاهر أن الناسي أيضا كذلك، لما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما (عليهما السلام) (1): (في متمتع حلق رأسه؟ فقال: إن كان ناسيا أو جاهلا فليس عليه شئ، وإن كان متمتعا في أول شهور الحج فليس عليه إذا كان قد أعفاه شهرا).
وبمضمون رواية جميل المذكورة قال في كتاب الفقه الرضوي (2) حيث قال: (وإذا حلق المتمتع رأسه بمكة فليس عليه شئ إن كان جاهلا، وإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شئ، وإن تعمد بعد الثلاثين التي يوفر فيها شعر الحج فإن عليه دما).
ومعنى العبارة المذكورة: أن المتمتع متى حلق رأسه بمكة يعني.