تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٨٩
وقيل: المعنى: ليدخل في رحمته من أسلم من الكفار بعد الصلح.
وقوله: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) التزيل التفرق وضمير (تزيلوا) لجميع من تقدم ذكره من المؤمنين والكفار من أهل مكة أي لو تفرقوا بأن يمتاز المؤمنون من الكفار لعذبنا الذين كفروا من أهل مكة عذابا أليما لكن لم نعذبهم لحرمة من اختلط بهم من المؤمنين.
قوله تعالى: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية) إلى آخر الآية قال الراغب: وعبر عن القوة الغضبية إذا ثارت وكثرت بالحمية فيقال: حميت على فلان أي غضبت عليه قال تعالى: (حمية الجاهلية) وعن ذلك استعير قولهم:
حميت المكان حمى انتهى.
والظرف في قوله: (إذ جعل) متعلق بقوله سابقا: (وصدوكم) وقيل: متعلق بقوله: (لعذبنا) وقيل: (متعلق بالذكر المقدر، والجعل بمعنى الالقاء و (الذين كفروا) فاعلة والحمية مفعوله و (حمية الجاهلية) بيان للحمية والجاهلية وصف موضوع في موضع الموصوف والتقدير الملة الجاهلية.
ولو كان (جعل) بمعنى صير كان مفعوله الثاني مقدرا والتقدير إذ جعل الذين كفروا الحمية راسخة في قلوبهم ووضع الظاهر موضع الضمير في قوله: (جعل الذين كفروا) للدلالة على سبب الحكم.
ومعنى الآية: هم الذين كفروا وصدوكم إذ ألقوا في قلوبهم الحمية حمية الملة الجاهلية.
وقوله: (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) تفريع على قوله: (جعل الذين كفروا) ويفيد نوعا من المقابلة كأنه قيل: جعلوا في قلوبهم الحمية فقابله الله سبحانه بإنزال السكينة على رسوله وعلى المؤمنين فاطمأنت قلوبهم ولم يستخفهم الطيش وأظهروا السكينة والوقار من غير أن يستفزهم الجهالة.
وقوله: (وألزمهم كلمة التقوى) أي جعلها معهم لا تنفك عنهم، وهي على ما اختاره جمهور المفسرين كلمة التوحيد وقيل: المراد الثبات على العهد والوفاء به وقيل:
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست