تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٧٩
والأهلين لا يغني من الله شيئا لا يدفع الضر إن أراد الله بكم ضرا ولا يعين على جلب الخير ولا يعجله إن أراد بكم خيرا.
فقوله: (قل فمن يملك لكم) الخ، جواب عن تعللهم بالشغل على تقدير تسليم صدقهم فيه، ملخصه أن تعلقكم في دفع الضر وجلب الخير بظاهر الأسباب ومنها تدبيركم والقعود بذلك عن مشروع ديني لا يغنيكم شيئا في ضر أو نفع بل الامر تابع لما أراده الله سبحانه فالآية في معنى قوله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا).
والتمسك بالأسباب وعدم إلغائها وإن كان مشروعا مأمورا به لكنه فيما لا يعارض ما هو أهم منها كالدفاع عن الحق وإن كان فيه بعض المكاره المحتملة اللهم إلا إذا تعقب خطرا قطعيا لا أثر معه للدفاع والسعي.
وقوله: (بل كان الله بما تعملون خبيرا) تعريض لهم فيه إشارة إلى كذبهم في قولهم: (شغلتنا أموالنا وأهلونا).
قوله تعالى: (بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم) الخ، بيان لما يشير إليه قوله: (بل كان الله بما تعملون خبيرا) من كذبهم في اعتذارهم، والمعنى: ما تخلفتم عن الخروج بسبب اشتغالكم بالأموال والأهلين بل ظننتم أن الرسول والمؤمنين لن يرجعوا إلى أهليهم أبدا وأن الخارجين سيقتلون بأيدي قريش بما لهم من الجموع والبأس الشديد والشوكة والقدرة ولذلك تخلفتم.
وقوله: (وزين ذلك في قلوبكم) أي زين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم فأخذتم بما يقتضيه ذلك الظن المزين وهو أن تتخلفوا ولا تخرجوا حذرا من أن تهلكوا وتبيدوا.
وقوله: (وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا) البور - على ما قيل - مصدر بمعنى الفساد أو الهلاك أريد به معنى الفاعل أي كنتم قوما فاسدين أو هالكين.
قيل: المراد بظن السوء ظنهم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا ولا يبعد أن يكون المراد به ظنهم أن الله لا ينصر رسوله ولا يظهر دينه كما مر في قوله في الآية السادسة من السورة الظانين بالله ظن السوء) بل هو أظهر.
قوله تعالى: (ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا) الجمع في هذه
(٢٧٩)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)، الظنّ (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست