تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٣٠٢
وتبعث وحدك، وتدخل الجنة وحدك، يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك والصلاة عليك ودفنك.
ثم قال: وقد كان تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوم من المنافقين وقوم من المؤمنين مستبصرين لم يعثر عليهم في نفاق: منهم كعب بن مالك الشاعر ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية الرافعي فلما تاب الله عليهم قال كعب: ما كنت قط أقوى منى في ذلك الوقت الذي خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى تبوك، وما اجتمعت لي راحلتان قط إلا في ذلك اليوم، وكنت أقول: اخرج غدا بعد غد فانى مقوى، وتوانيت وثقلت بعد خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم اياما ادخل السوق ولا اقضي حاجة فلقيت هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وقد كانا تخلفا أيضا فتوافقنا ان نبكر إلى السوق، فلم نقض حاجة فما زلنا نقول: نخرج غدا وبعد غد حتى بلغنا إقبال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فندمنا.
فلما وافى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استقبلناه نهنئه السلامة فسلمنا عليه فلم يرد علينا السلام وأعرض عنا، وسلمنا على إخواننا فلم يردوا علينا السلام فبلغ ذلك أهلونا فقطعوا كلامنا، وكنا نحضر المسجد فلا يسلم علينا أحد ولا يكلمنا فجاءت نساؤنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلن: قد بلغنا سخطك على أزواجنا أفنعتزلهم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تعتزلنهم ولكن لا يقربوكن.
فلما رأى كعب بن مالك وصاحباه ما قد حل بهم قالوا: ما يقعدنا بالمدينة ولا يكلمنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا إخواننا ولا أهلونا؟ فهلموا نخرج إلى هذا الجبل فلا نزال فيه حتى يتوب الله علينا أو نموت.
فخرجوا إلى ذباب - جبل بالمدينة - فكانوا يصومون وكان أهلوهم يأتونهم بالطعام فيضعونه ناحية ثم يولون عنهم ولا يكلمونهم.
فبقوا على هذا اياما كثيرة يبكون بالليل والنهار ويدعون الله ان يغفر لهم فلما طال عليهم الامر قال لهم كعب: يا قوم قد سخط الله علينا ورسوله، وقد سخط علينا أهلونا، وإخواننا قد سخطوا علينا فلا يكلمنا أحد فلم لا يسخط بعضنا على بعض؟ فتفرقوا في الجبل وحلفوا أن لا يكلم أحد منهم صاحبه حتى يموت أو يتوب الله عليه فبقوا على ذلك ثلاثة أيام، وكل واحد منهم في ناحية من الجبل لا يرى أحد منهم صاحبه ولا يكلمه.
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست