بقي الكلام في نجر السفينة في المسجد مع كراهة الصنائع في المساجد ولا سيما هذا المسجد فيمكن الجواب بتخصيص هذا الحكم بهذه الشريعة أو استثناء ذلك من الحكم المذكور وأما قوله في رواية الحذاء: " وهي صرة بابل " ففيه إشارة إلى أن الكوفة من أرض بابل إذا المراد بالصرة الكناية عن الشئ النفيس العزيز، لأن أصل الصرة بمعنى صرة الدراهم وهي أنفس الأموال وأعزها. والمفهوم من خبر رد الشمس إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) (1) - في أيام رجوعه من حرب الخوارج وتركه الصلاة إلى أن عبر الفرات فصلى في الجانب الآخر - اختصاص بابل بذلك الجانب من الفرات، ولعل الإضافة هنا مجاز باعتبار قربها من بابل وأن أرض الخسف من بابل التي يكره الصلاة فيها مخصوص بذلك الموضع الذي عبر (عليه السلام) منه. والله العالم.
(الخامسة) - أن ما دل عليه مرسل الفقيه من قول الصادق (عليه السلام) " حد مسجد الكوفة آخر السراجين... الخ " مما يدل على وقوع النص في المسجد والحديث بهذه الكيفية قد رواه الشيخ في التهذيب بسنده عن علي بن مهزيار باسناد له (2) قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام) حد مسجد الكوفة... الحديث " إلا أن الكليني في الروضة والعياشي في تفسيره قد نقلاه بوجه أبسط عن المفضل بن عمر قال (3):
" كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) بالكوفة أيام قدم علي أبي العباس فلما انتهينا إلى الكناسة نظر عن يساره ثم قال يا مفضل ههنا قتل عمي زيد ثم مضى حتى أتى طاق الرواسين وهو آخر السراجين فنزل فقال لي انزل فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول الذي خطه آدم (عليه السلام) وأنا أكره أن أدخله راكبا فقلت له فمن غيره عن خطته؟ قال أما أول ذلك فالطوفان... إلى آخر ما تقدم في خبر الفقيه ".
* (هامش) (1) البحار ج 18 الصلاة ص 121 (2) الوسائل الباب 44 من أحكام المساجد (3) الروضة ص 279 ومستدرك الوسائل الباب 35 من أحكام المساجد (*)