وإنما هو باعتبار أن لو كان ثمة ناظر لكان يراها وإلا لكان المصلي في الظلام أو في بيت يغلق عليه تصح صلاته وليس كذلك اجماعا. فما ذكره الشهيد (قدس سره) من هذا الكلام الأخير هو المعتمد إلا أن اكتفاءه بستر اللحية ضعيف لا ينبغي أن يلتفت إليه كما أشار إليه، وحينئذ فلا بد من تأويل صحيحة زياد بن سوقة واخراجها عن ظاهرها وحمل النهي في رواية غياث عن ظاهرها من التحريم ونحوها رواية إبراهيم. وما يدعونه من أن لفظ " لا ينبغي " ظاهر في الكراهة اصطلاح عرفي بين الناس وإلا فقد عرفت في غير موضع أن استعماله في التحريم في الأخبار أكثر كثير إلا أنه يجب تقييد التحريم بما إذا استلزم ظهور العورة وعلى هذا فيحمل الخبران المجوزان على عدم ظهور العورة، وعلى ذلك تجتمع الأخبار وتتفق مع تلك الأخبار الدالة على شرطية الستر في الصلاة كما لا يخفى. ويؤيد ما قلناه من المنع من حل الأزرار حال الصلاة حديث زياد بن المنذر عن أبي جعفر (عليه السلام) (1) وفيه أن حل الأزرار في الصلاة من عمل قوم لوط.
(الرابع) - قال في الذكرى: الأفضل للرجل ستر ما بين السرة والركبة وادخالهما في الستر، للخروج عن الخلاف ولأنه مما يستحى منه، وستر جميع البدن أفضل والرداء أكمل والتعمم والتسرول أتم لما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) (2) " إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله أحق أن يتزين له " وروي (3) " ركعة بسراويل تعدل أربعا بغيره " وكذا روي في العمامة (4). انتهى. ولعله أشار بالرواية في العمامة إلى ما قدمنا نقله عن كتاب مكارم الأخلاق، والظاهر أن هاتين الروايتين إنما هما من طرق العامة لعدم وجودهما في كتب أخبارنا، قال شيخنا المجلسي (قدس سره) بعد نقل رواية المكارم المذكورة: الظاهر أن هذه الرواية عامية وبها استند الشهيد (قدس سره) وغيره ممن ذكر استحبابها في الصلاة ولم أر في أخبارنا ما يدل على ذلك