تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٦٨٩
ومنذرين ". و " حجة " اسم كان وخبره " للناس "، أو " على الله " والآخر حال (1)، ولا يجوز تعلقه ب‍ " حجة " لأنه مصدر و " بعد " ظرف لها، أو صفة (2).
وفي نهج البلاغة قال (عليه السلام): فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه (3) ليستأدوهم ميثاق فطرته (4) ويذكروهم منسي نعمته، ويحتجوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول (5) ويروهم آيات المقدرة، من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع، ومعايش تحييهم، وآجال تفنيهم، وأوصاب تهرمهم (6) وأحداث تتابع عليهم، ولم يخل الله سبحانه خلقه من نبي مرسل، أو كتاب منزل، أو حجة لازمة، أو محجة قائمة (7) رسل لا تقصر بهم قلة عددهم، ولا كثرة المكرمين من سابق سمي له من بعده، أو غابر عرفه من قبله (8) على ذلك نسلت

(١) أي ما لا يكون خبرا من قوله: (على الله، أو للناس) يكون حالا، فإن كان الخبر هو (على الله) يكون (للناس) حالا وإن كان الخبر للناس يكون على الله حالا، ولا يجوز أن يتعلق (على الله) ب‍ (حجة) وإن كان المعنى عليه، لان معمول المصدر لا يتقدم عليه (حاشية محي الدين شيخ زاده على تفسير البيضاوي) في تفسيره لآية ١٦٥ من سورة النساء.
(٢) أي إن لم يكن (بعد) ظرفا لها، أو صفة حائل تعلقه بها - منه (كذا في هامش النسخة).
(٣) أرسلهم، وبين كل نبي ومن بعده فترة، لا بمعنى أرسلهم تباعا بعضهم يعقب بعضا.
(٤) كان الله تعالى بما أودع في الانسان من الغرائز والقوى، وبما أقام له من الشواهد وأدلة الهدى، وقد أخذ عليهم ميثاقا بأن يصرف ما أوتي من ذلك فيما خلق له، وقد كان يعمل على ذلك الميثاق ولا ينقضه، لولا ما اعترضه من وساوس الشهوات، فبعث إليه النبيين ليطلبوا من الناس أداء ذلك الميثاق، اي ليطالبوهم بما تقتضيه فطرتهم، وما ينبغي أن تسوقهم إليه غرائزهم.
(٥) دفائن العقول: أنوار العرفان التي تكشف للانسان اسرار الكائنات، وترتفع به إلى الايقان بصانع الموجودات، وقد تحجب هذه الأنوار غيوم من الأوهام وحجب من الخيال، فيأتي النبيون لإثارة تلك المعارف الكامنة، وابراز تلك الاسرار الباطنة.
(٦) السقف المرفوع: السماء، والمهاد الموضوع، الأرض والأوصاب: المتاعب.
(٧) المحجة: الطريق القويمة الواضحة.
(٨) من سابق: بيان للرسل، وكثير من الأنبياء السابقين، سميت لهم الأنبياء السابقين، سميت لهم الأنبياء الذين بعدهم، فبشروا بهم كما ترى ذلك في التوراة وفي القرآن الكريم أن عيسى (عليه السلام) بشر بخاتم الرسل (صلى الله عليه وآله وسلم)، والغابر: الذي يأتي بعد أن يبشر به السابق جاء معروفا بتعريف من قبله.
(٦٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 684 685 686 687 688 689 690 691 692 693 694 ... » »»
الفهرست