تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٠
ويجوز أن تكون الإشارة إلى قوله على تقدير مضاف، أي إنما ذلكم قول الشيطان، أي إبليس.
يخوف أولياءه: القاعدين عن الخروج مع الرسول، أو يخوفكم أولياؤه الذين هم أبو سفيان وأصحابه.
فلا تخافوهم: الضمير للناس الثاني، على الأول، وإلى الأولياء على الثاني.
وخافون: في مخالفة أمري، فجاهدوا مع رسولي.
إن كنتم مؤمنين: فإن الايمان يقتضي إيثار خوف الله على خوف الناس.
في أصول الكافي: بإسناده إلى الهيثم بن واقد الجزري (1) قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام): يقول: من خاف الله أخاف الله منه كل شئ (2) ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ (3).
وبإسناده إلى أبي حمزة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من عرف الله خاف الله، ومن خاف الله سخت نفسه عن الدنيا (4) (5)

(١) الهيثم بالهاء المفتوحة وسكون الياء المثناة من تحت والثاء المثلثة المفتوحة كحيدر. والواقد بالواو والألف والقاف المكسورة والدال المهملة. والجزري بالجيم المفتوحة والزاي المعجمة المفتوحة والراء المهملة والياء (تنقيح المقال: ج ١ ص ٩٥ تحت رقم ٥٢٦ و ج ٣ ص ٣٠٧ تحت رقم ١٢٩٥٢ و ج ١ ص ١٧٢ تحت رقم ١٢٨٣).
(٢) قوله " من خاف الله أخاف الله منه كل شئ " ظاهره أن الله تعالى يلقي الخوف منه على الأشياء.
مع احتمال أن يكون سر ذلك، أن الخائف من الله نفسه قوية قدسية مقربة للحضرة الإلهية قادرة على التأثير في الممكنات، فلذلك يخاف منه كل شئ حتى الوحش والسباع والحيات كما نقل ذلك عن كثير من المقربين. ومن لم يخف الله نفسه ضعيفة متصفة بالنقصان، بعيدة عن التأثر في عالم الامكان، فلذلك يخاف من كل شئ ويتأثر منه. ولما كانت القوة والضعف والتأثير بسبب القرب من الله وعدمه، نسبت الإخافة إليه (شرح الكافي للعلامة المازندراني: ج ٨ ص ٢٠٨ كتاب الايمان والكفر).
(٣) الكافي: ج ٢ ص ٦٨ كتاب الايمان والكفر، باب الخوف والرجاء ح ٣.
(٤) قوله (من عرف الله خاف الله) دل على أن الخوف من الله لازم لمعرفته، فكلما زادت زاد، ولذلك قال (عز شأنه): " إنما يخشى الله من عباده العلماء " وذلك لان من عرف عظمته وغلبته على جميع الكائنات، وقدرته على جميع الممكنات بالاعدام والافناء من غير أن يسأله سائل أو بمنعه مانع، أو يعود إليه ضرر، تهيب وخاف منه. وأيضا من عرفه علم احتياجه إليه في وجوده وبقائه وكمالاته في جميع حالاته، ومن البين أن الاحتياج إليه في مثل تلك المور العظام، يستلزم الخوف منه في سلب الفيض والاكرام. (ومن خاف الله سخت نفسه عن الدنيا) أي تركها، تقول: سخي عن الشئ يسخى، من باب تعب، أي ترك. فمن ادعى الخوف ومال إلى الدنيا غير تارك لها وناهض للعبادة، فهو كاذب، لان الخوف يستلزم الاعراض عن الدنيا والتوجه إلى العبادة (شرح الكافي للعلامة المازندراني: ج ٨ ص ٢٠٨ كتاب الايمان والكفر).
الكافي: ج ٢ ص ٦٨ كتاب الايمان والكفر، باب الخوف والرجاء ح 4.
(5) تقدم آنفا تحت رقم 4.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست