تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٩
الاصرار أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدث نفسه بتوبة، فذلك الاصرار (1).
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا والله لا يقبل الله شيئا من طاعته على الاصرار على شئ من معاصيه (2) (3).
عدة من أصحابنا: عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن محمد النهيكي، عن عمار بن مروان القندي، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار (4).

(١) الكافي: ج ٢ ص ٢٨٨ كتاب الايمان والكفر، باب الاصرار على الذنب، ح ٢.
(٢) قوله: (لا والله لا يقبل الله شيئا من طاعته على الاصرار على شئ من معاصيه) لعل السر فيه أن سبب قبول الطاعة هو دلالتها على تعظيم الرب، والاصرار على المعصية وإن كانت صغيرة يستلزم تحقيره وإن لم يقصده العاصي، والتحقير ينافي التعظيم، أو أن قبول الطاعة عبارة عن تقريب المطيع إلى ذاته المقدسة، والاصرار على المعصية يوجب تبعيده عنه، وحمل عدم القبول على وجه الكمال محتمل (شرح أصول الكافي للعلامة المازندراني: ج ٩ ص ٢٦٧).
(٣) الكافي: ج ٢ ص ٢٨٨ كتاب الايمان والكفر، باب الاصرار على الذنب، ح ٣.
(٤) قوله (لا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار) ظاهره أن الكبيرة تصير صغيرة، أو تزول بالكلية مع الاستغفار، والصغيرة تصير كبيرة مع الاصرار، وهو مع ذلك يستلزم الجرأة على الكبيرة غالبا، ولذلك ألحق العلماء بالكبائر الاصرار على الصغائر، واستدلوا بهذا الحديث.
وتوضيحه أنه (عليه السلام) دعا إلى الاستغفار عن كبائر الذنوب وصغائرها، وبين أن الصغيرة مع الاصرار لا تبقى صغيرة على حالها، لان الاصرار عليها معصية أخرى تنضم إلى الأولى، فإذا دام على الاصرار توالت المعاصي وتكاثرت وتراكمت حتى تعد كبيرة، لا سيما إذا كان الاصرار يتضمن الاستهانة والاحتقار.
وقد قيل في تفسير قوله تعالى: " يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء " يعذب من يشاء على الصغيرة للاصرار بها، ويغفر لمن يشاء الكبيرة لاستعظامه إياها وخوفه من الله.
وقوله (عليه السلام): (ولا كبيرة مع الاستغفار) معناه: أن الكبيرة لا تبقى كبيرة، بل تذوب وتصغر بأمر الله تعالى إذا قارنها الاستغفار، وهو طلب المغفرة من الغفار، وذلك لان الاستغفار يتضمن التوبة مع طلب المغفرة، والمستغفر يشاهد قبح فعه وشناعة ذنبه واستحقاقه للعقوبة، فيندم بقلبه، والندم توبة، ثم يسأل بصدق النية المغفرة منه مستعظما له، فتصغر بذلك كبيرته عند الله تعالى، بل ربما تزول عن أصلها.
ويوافق الفقرتين قول بعض العارفين: متى عظمت المعصية في قلب العاصي صغرت عند الله تعالى، ومتى صغرت في قلبه عظمت عنده تعالى (شرح أصول الكافي للعلامة المازندراني: ج ٩ ص ٢٦٦).
الكافي: ج ٢ ص ٢٨٨ كتاب الايمان والكفر، باب الاصرار على الذنب، ح 1.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست