تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٨
[والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم هذا يمدد ما فعلوا وهم يعلمون (135)] والذين إذا فعلوا فاحشة: فعلة بالغة في القبح، كالزنا.
أو ظلموا أنفسهم: بأن أذنبوا أي ذنب كان.
وقيل: الفاحشة الكبيرة، وظلم النفس الصغيرة ولعل الفاحشة ما يتعدى وظلم النفس ما ليس كذلك (1).
ذكروا الله: تذكروا وعيده، أو حكمه، أو حقه العظيم.
فاستغفروا لذنوبهم: بالندم والتوبة.
ومن يغفر الذنوب إلا الله: استفهام بمعنى النفي، معترض بين المعطوفين.
والمراد به وصفه تعالى بصفة الرحمة وعموم المغفرة، والحث على الاستغفار، والوعد بقبول التوبة.
ولم يصروا على ما فعلوا: أي لم يقيموا على ذنوبهم غير مستغفرين.
وفي أصول الكافي: أبو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر (2)، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية قال:

(1) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج 1 ص 182 في تفسيره لقوله تعالى: " والذين إذا فعلوا فاحشة " الآية.
(2) قوله: (الاصرار هو أن يذهب الذنب فلا يستغفر الله إلخ) دل على أن الاصرار يتحقق بالذنب مع عدم الاستغفار والتوبة، سواء أذنب ذنبا آخر من نوع ذلك الذنب أو من غير نوعه، أو عزم على ذنب آخر أم لا.
أما تحققه في غير الأخير فظاهر، وأما في الأخير فلان التوبة واجبة في كل آن فتركها ذنب منضاف إلى الذنب الأول فيتحقق الاصرار. وقسم الشهيد في قواعده الاصرار إلى فعلي وحكمي، وقال الفعلي: هو الدوام على نوع واحد من الصغائر بلا توبة، والاكثار من جنس الصغائر بلا توبة.
والحكمي: هو العزم على تلك الصغيرة بعد الفراغ منها. أما لو فعل الصغيرة ولم يخطر بباله بعدها توبة ولا عزم على فعلها، فالظاهر أنه غير مصر.
وقال الشيخ في الأربعين: تخصيصه الاصرار الحكمي بالعزم على تلك الصغيرة بعد الفراغ منها، يعطي أنه لو كان عازما على صغيرة أخرى بعد الفراغ مما هو فيه لا يكون مصرا، والظاهر أنه مصر أيضا. وتقييده ببعد الفراغ منها يقتضي بظاهره أن من كان عازما مدة سنة على لبس الحرير مثلا، لكن لم يلبسه أصلا لعدم تمكنه، لا يكون في تلك المدة مصرا، وهو محل نظر.
وقال بعضهم: الاصرار هو إدامة الفعل والعزم على إدامته يصح معها إطلاق وصف العزم عليه.
وقال بعضهم: هو تكرار الصغيرة تكرارا يشعر بقلة المبالاة إشعار الكبيرة بذلك، أو فعل صغائر من أنواع مختلفة بحيث يشعر بذلك. (شرح أصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 9 ص 267).
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست