تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ١٨٠
وتعجب لكفرهم في حال اجتمع لهم الأسباب الداعية إلى الايمان الصارفة عن الكفر.
ومن يعتصم بالله: ومن يستمسك بدينه، أو يلتجأ إليه في مجامع أموره.
في كتاب الخصال: عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: قال إبليس: خمسة أشياء ليس لي فيهن حيلة، وسائر الناس في قبضتي: من اعتصم بالله عن نية صادقة فاتكل عليه في جميع أموره كلها، الحديث (1).
فقد هدى إلى صرط مستقيم: فقد اهتدى لا محالة.
وفي كتاب معاني الأخبار: بإسناده إلى حسين الأشقر قال: قلت لهشام بن الحكم: ما معنى قولكم: إن الامام لا يكون إلا معصوما؟ فقال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك فقال: المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله، وقال الله (تبارك وتعالى): " ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم " (2).
وفي أصول الكافي: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أيما عبد أقبل قبل ما يحب الله عز وجل، اقبل الله قبل ما يحب (3). ومن اعتصم بالله عصمه الله.

(١) الخصال: ص ٢٨٥ باب الخمسة ح ٣٧ وتمام الحديث (ومن كثر تسبيحه في ليله ونهاره، ومن رضي لأخيه المؤمن بما يرضاه لنفسه، ومن لم يخزع على المصيبة حين تصيبه، ومن رضي بما قسم الله له ولم يهتم لرزقه).
(٢) معاني الأخبار: ص 132 باب معنى عصمة الامام، ح 2.
(3) يقال: أقبل قبلك، أي قصد قصدك وتوجه إليك وجعلك قبالة وجهه وتلقاءه. والمراد بإقبال العبد نحو ما يحبه الله، قصده والاتيان به طلبا لرضاه. وبإقبال الله نحو ما يحبه العبد إضافة ما يسر به قبله وتقربه عينه. ومن اعتصم بالله عصمه الله من الضياع والحاجة، كما اعتصم به مؤمن آل فرعون بقوله " وأفوض أمري إلى الله بصير بالعباد " فلجأ من شر فرعون وجنوده إليه سبحانه واعتصم به، فوقاه الله سيئات ما مكروا. واعتصم به يونس (عليه السلام) في الظلمات بقوله: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " فلجأ من غضبه إليه واعتصم به، فأقبل الله إليه بالقبول وعصمه بقوله: " فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " واعتصم به أيوب (عليه السلام) وأقبل إليه بقول: رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " فأقبل الله إليه بالقبول وعصمه ورفع عنه الكرب والضر. وكذلك لجأ إليه كثير من الأنبياء والمرسلين والصلحاء والمتقين والفاسقين فأقبل الله إليهم بقضاء حوائجهم وإزاحة مكارههم (شرح أصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 8 ص 200).
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست