تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ١٧٩
[كيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صرط مستقيم (101)] قيل: نزلت في نفر من الأوس والخزرج كانوا جلوسا يتحدثون فمر بهم شامر بن قيس اليهودي، فغاظوا تألفهم واجتماعهم، فأمر شابا من اليهود أن يجلس إليهم ويذكرهم يوم (بعاث) (1) وينشدهم بعض ما قيل فيه، وكان الظفر في ذلك اليوم للأوس، ففعل، فتنازع القوم وتفاخروا وتغاضبوا، وقالوا: السلاح السلاح، واجتمع مع القبيلتين خلق عظيم، فتوجه إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأصحابه، فقال: أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذا أكرمكم الله بإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بين قلوبكم، فعلموا أنها نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح، واستغفروا، وعانق بعضهم بعضا، وانصرفوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).
وإنما خاطبهم الله تعالى بنفسه بعد ما أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) بأن يخاطب أهل الكتاب، إظهارا لجلالة قدرهم، وإشعارا بأنهم هم الأحقاء بأن يخاطبهم تعالى ويكلمهم.
وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله: إنكار

(١) في النسخة - ا -: يغاث والصحيح ما أثبتناه، ويوم بعاث بضم الباء يوم معروف كإن فيه حرب بين الأوس والخزرج في الجاهلية ذكره الواقدي ومحمد بن إسحاق في كتابيهما، قال الأزهري: وذكر ابن المظفر هذا في كتاب العين فجعله يوم بغات (بالغين المعجمة) وصحفه، وما كان الخليل (رحمه الله) ليخفى عليه ويوم بعاث لأنه من مشاهير أيام العرب (لسان العرب: ج ٢ ص ١١٧ في لغة بعث) وقال أيضا في ص 119 في لغة بغث: يوم بغاث، يوم وقعة كانت بين الأوس والخزرج، قال الأزهري: إنما هو بعاث بالعين، وهو من مشاهير أيام العرب، ومن قال بغاث فقد صحف.
(2) نقله في الكشاف: ج 1 ص 393 في تفسيره لقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أن تطيعوا " الآية، ونقله ابن هشام في السيرة: ج 2 ص 183.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست