إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ١١١
صار يصوره ويصيره إذا أماله، فعلى هذا تتعلق إلى بالفعل، وفى الكلام محذوف تقديره: أملهن إليك ثم قطعهن. والمعنى الثاني أن يصوره ويصيره بمعنى يقطعه، فعلى هذا في الكلام محذوف يتعلق به إلى: أي فقطعهن بعد أن تميلهن إليك، والأجود عندي أن تكون إليك حالا من المفعول المضمر تقديره فقطعهن مقربة إليك أو ممالة ونحو ذلك، ويقرأ بضم الصاد وتشديد الراء، ثم منهم من يضمها، ومنهم من يفتحها، ومنهم من يكسرها مثل مدهن، فالضم على الاتباع، والفتح للتخفيف، والكسر على أصل التقاء الساكنين، والمعنى في الجميع من صره يصره إذا جمعه (منهن) في موضع نصب على الحال من (جزءا) وأصله صفة للنكرة قدم عليها فصار حالا، ويجوز أن يكون مفعولا لاجعل، وفى الجزء لغتان: ضم الزاي، وتسكينها، وقد قرئ بهما، وفيه لغة ثالثة كسر الجيم، ولم أعلم أحدا قرأ به، وقرئ بتشديد الزاي من غير همزة. والوجه فيه أنه نوى الوقف عليه، فحذف الهمزة بعد أن ألقى حركتها على الزاي ثم شدد الزاي، كما تقول في الوقف: هذا فرح، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف، و (يأتينك) جواب الأمر و (سعيا) مصدر في موضع الحال: أي ساعيات، ويجوز أن يكون مصدرا مؤكدا، لأن السعي والإتيان متقاربان، فكأنه قال: يأتينك إتيانا.
قوله تعالى (مثل الذين ينفقون أموالهم) في الكلام حذف مضاف تقديره: مثل إنفاق الذين ينفقون، أو مثل نفقة الذين ينفقون، ومثل مبتدأ، و (كمثل حبة) خبره، وإنما قدر المحذوف لأن الذين ينفقون لا يشبهون بالحبة:
بل إنفاقهم أو نفقتهم (أنبتت سبع سنابل) الجملة في موضع جر صفة لحبة (في كل سنبلة مائة حبة) ابتداء وخبر في موضع جر صفة لسنا بل، ويجوز أن يرفع مائة حبة بالجار، لأنه قد اعتمد لما وقع صفة، ويجوز أن تكون الجملة صفة لسبع كقولك: رأيت سبعة رجال أحرار وأحرارا، ويقرأ في الشاذ مائة بالنصب بدلا من سبع، أو بفعل محذوف تقديره: أخرجت. والنون في سنبلة زائدة، وأصله من أسبل، وقيل هي أصل، والأصل في مائة مئية، يقال: أمأت الدراهم إذا صارت مائة ثم حذفت اللام تخفيفا كما حذفت لام يد.
قوله تعالى (الذين ينفقون أموالهم) مبتدأ، والخبر (لهم أجرهم) ولام الأذى ياء، يقال: أذى ياذى أذى مثل نصب ينصب نصبا.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست