تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٩
(أزواجا) لتطمئنوا إليها وتألفوا بها، وذلك لما بين الاثنين من جنس واحد من الإلف والسكون، وما بين الجنسين المختلفين من التنافر (وجعل بينكم مودة ورحمة) أي: توادا وتراحما بعد أن لم يكن بينكم معرفة ولا سبب يوجب التحاب والتعاطف من القرابة والرحم. والألسنة: اللغات أو أجناس المنطق وأشكاله. خالف سبحانه بين هذه الأشياء حتى لا يكاد يسمع بين منطقين متفقين في شيء من صفات النطق وأحواله، وكذلك الصور وتخطيطها (١) والألوان وتنويعها، ولهذا الاختلاف وقع التعارف، ولو اتفقت وتشاكلت لوقع الالتباس، و (في ذا لك) آية بينة في حكمة الصانع وكمال قدرته، وقرئ: (للعلمين) بفتح اللام وكسرها (٢)، ويشهد للكسر قوله: ﴿وما يعقلها إلا العلمون﴾ (3).
(منامكم باليل والنهار) هو من باب اللف وترتيبه (ومن ءايته منامكم، وابتغآؤكم من فضله) بالليل والنهار، إلا أنه فصل بين القرينين الأولين بالقرينين الآخرين لأنهما زمانان، والزمان والواقع فيه كشيء واحد، من إعانة اللف على الاتحاد، ويجوز أن يكون المراد: منامكم في الزمانين وابتغاؤكم من فضله فيهما، والأول أظهر لتكرره في القرآن.
وفي (يريكم) وجهان: أحدهما: إضمار، والآخر: إنزال الفعل منزلة المصدر وفسر المثل: " تسمع بالمعيدي خير من أن تراه " على الوجهين (خوفا) من الصاعقة أو من الإخلاف (وطمعا) في الغيث، وقيل: خوفا للمسافر وطمعا

(١) في نسخة: " تخليطها ".
(٢) قراءة حفص عن عاصم بكسرها والباقون جميعا بفتحها. راجع التبيان: ج ٨ ص ٢٣٩.
(٣) العنكبوت: ٤٣.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»