تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٠
(ما لبثوا غير ساعة) أرادوا لبثهم في الدنيا، أو في القبور، أو في ما بين فناء الدنيا إلى البعث، وإنما قدروا وقت لبثهم ساعة على وجه الاستقصار له، أو ينسون ويخمنون (كذا لك) أي: مثل ذلك الإفك - وهو الصرف - كانوا يصرفون عن الصدق والتحقيق في الدنيا، وهكذا كانوا يبنون أمرهم على خلاف الحق.
القائلون هم الملائكة أو الأنبياء أو المؤمنون (في كتب الله) في علم الله المثبت في اللوح المحفوظ، أو: في علم الله وقضائه الذي أوجبه بحكمته ردوا ما قالوه وحلفوا عليه، ثم قرعوهم على إنكار البعث بقولهم: (فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون) إنه حق، فلا ينفعكم العلم به الآن.
(فيومئذ) لا يمكنون من الاعتذار، ولو اعتذروا لم تقبل معذرتهم، ولا يطلب منهم الإعتاب، يقال: استعتبني فلان فأعتبته، أي: استرضاني فأرضيته، وحقيقة " أعتبته ": أزلت عتبه، والمعنى: لا يقال لهم ارضوا ربكم بتوبة وطاعة.
(ولقد) وصفنا لهم (كل) صفة كأنها (مثل) في غرابتها، وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة كقصة المبعوثين يوم القيامة وما يقولونه وما يقال لهم، ولكنهم لقسوة قلوبهم وعنادهم إذا جئتهم بآية من آيات القرآن قالوا: جئتنا بزور وباطل.
(كذا لك) أي: مثل ذلك الطبع (يطبع الله على قلوب) الجهلة فيمنعهم ألطافه الشافية (1) للصدور حتى سموا المحقين مبطلين.
(فاصبر) على عداوتهم (إن وعد الله) بنصرك وإظهار دينك على كل الأديان (حق) ولا يحملنك على الخفة والجزع من كفرهم وعنادهم فإنهم قوم ظانون (لا يوقنون) بأنهم يبعثون.
* * *

(1) في نسخة: " الشارحة ".
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»