تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥
المجوس ففرحنا (بنصر الله) إيانا على المشركين، ونصر أهل الكتاب على المجوس، فذلك قوله: (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) وهو يوم بدر (1).
(من قبل ومن بعد) أي: في أول الوقتين وآخرهما، حين غلبوا وحين يغلبون، يعني: أن كونهم مغلوبين أولا وغالبين آخرا، ليس إلا بأمر الله وقضائه (ويومئذ) ويوم يغلب الروم فارس (يفرح المؤمنون) بنصر الله، وتغليبه من له كتاب على من لا كتاب له، وقيل: نصر الله أنه ولى بعض الظالمين بعضا وفرق بين كلمتهم، وفي ذلك قوة للإسلام (2). (وعد الله) مصدر مؤكد، كقولك: له علي ألف درهم اعترافا؛ لأن معناه: اعترفت لك بها اعترافا، ووعد الله ذلك وعدا لأن الكلام المتقدم في معنى " وعدتم ".
ثم ذمهم الله تعالى بأنهم بصراء بأمور الدنيا، يعلمون منافعها ومضارها، غافلون عن أمور الدين، وعن الحسن: بلغ من علم أحدهم بدنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره فيخبرك بوزنه، وما يحسن أن يصلي (3).
وقوله: (يعلمون) بدل من (لا يعلمون)، وفي هذا الإبدال إيذان بأن عدم العلم الذي هو الجهل، ووجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا، مستويان في أنفسهم.
يحتمل أن يكون ظرفا، فيكون المعنى: أولم يحدثوا التفكر في قلوبهم الفارغة من الفكر؟ والتفكر لا يكون إلا في القلوب ولكنه زيادة تصوير لحال المتفكرين، كما يقال: اعتقد في قلبه، أي: أولم يتفكروا فيقولوا هذا القول أو فيعلموا ذلك؟
ويحتمل أن يكون صلة للتفكر، فيكون المعنى: أولم يتفكروا في أنفسهم التي هي

(1) حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 1 ص 163.
(2) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 467.
(3) تفسير الحسن البصري: ج 2 ص 196.
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»