تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٦٢٢
يتعاقبان عليها (1). وعن الحسن: ليست من شجرة الدنيا فتكون شرقية أو غربية (2) * (يكاد زيتها يضئ) * من صفائه وفرط تلألئه وضيائه من غير نار، و * (نور على نور) * أي: هو نور متضاعف، قد تظاهر فيه نور الزيت ونور المصباح ونور الزجاجة، فلم يبق مما يقوي النور ويزيد في إضاءته بقية.
واختلف في هذا النور الذي أضافه سبحانه إلى نفسه وما شبهه به، فذهب الأكثر من المفسرين إلى أنه نبينا محمد (صلى الله عليه وآله)، فكأنه قال: مثل محمد (صلى الله عليه وآله) رسول الله وهو المشكاة، والمصباح قلبه، والزجاجة صدره، شبهه بالكوكب الدري، ثم رجع إلى قلبه المشبه بالمصباح فقال: يوقد هذا المصباح من شجرة مباركة يعني:
إبراهيم (عليه السلام)، لأن أكثر الأنبياء من صلبه، أو: شجرة الوحي لا شرقية ولا غربية: لا نصرانية ولا يهودية، لأن النصارى تصلي إلى المشرق واليهود إلى المغرب * (يكاد) * أعلام النبوة تشهد له قبل أن يدعو إليها، أو: يكاد صدقه في نبوته يتبين ويتميز وإن لم ير شئ من معجزاته، كما قال عبد الله بن رواحة:
لو لم تكن فيه آيات مبينة * كانت بديهته تنبئك بالخير (3) وعن الباقر (عليه السلام): " إن قوله: * (كمشكاة) * عليها مصباح هو نور العلم في صدر النبي (صلى الله عليه وآله)، والزجاجة صدر علي (عليه السلام)، علمه النبي (صلى الله عليه وآله) علمه فصار إلى صدره * (يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار) * يكاد العالم من آل محمد (صلى الله عليه وآله) يتكلم بالعلم قبل أن يسأل * (نور على نور) * أي: إمام يؤيد بنوره العلم والحكمة في إثر إمام من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، وذلك من لدن آدم إلى قيام الساعة، هم خلفاء الله في أرضه، وحججه على خلقه، لا تخلو الأرض في كل عصر من واحد منهم " (4).

(١) قاله السدي. راجع تفسير البغوي: ج ٣ ص ٣٤٦.
(2) تفسير الحسن البصري: ج 2 ص 160.
(3) حكاه الرازي في تفسيره: ج 23 ص 237.
(4) التوحيد للصدوق: ص 158.
(٦٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 617 618 619 620 621 622 623 624 625 626 627 ... » »»