تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥١
* (قتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين (14) ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم (15) أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون (16)) * وبخهم بترك القتال، ثم أكد ذلك بالأمر بالقتال فقال: * (قتلوهم) *، ثم وعدهم أنه * (يعذبهم) * بأيديهم قتلا، ويخزيهم أسرا، وينصرهم * (عليهم) * ويشفي * (صدور) * طائفة من المؤمنين وهم خزاعة (1)، وعن ابن عباس: هم بطون من اليمن قدموا مكة وأسلموا فلقوا منهم أذي، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أبشروا فإن الفرج قريب " (2). * (ويذهب غيظ قلوبهم) * لما لقوا منهم من المكروه، وقد أنجز الله هذه المواعيد كلها لهم، فكان ذلك دليلا على صحة نبوة نبيه (عليه السلام) * (ويتوب الله على من يشاء) * استئناف كلام، وفيه إخبار بأن بعض أهل مكة سيتوب عن كفره، وقد كان ذلك - أيضا - فقد أسلم كثير منهم * (والله عليم) * يعلم ما سيكون كما يعلم ما قد كان * (حكيم) * لا يفعل إلا ما فيه الحكمة.
* (أم) * منقطعة وفي الهمزة معنى التوبيخ، يعني: أنكم لا تتركون على ما أنتم عليه حتى يميز المخلصون منكم وهم (3) المجاهدون في سبيل الله لوجه الله * (ولم يتخذوا... وليجة) * أي: بطانة وأولياء يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم، و * (لما) * معناها التوقع، ودلت على أن تميز ذلك وإيضاحه متوقع، وقوله:

(1) وخزاعة: حي من الأزد، سموا ذلك لأن الأزد لما خرجت من مكة لتتفرق في البلاد تخلفت عنهم خزاعة وأقامت بها، وخزع فلان عن أصحابه: أي تخلف. انظر الصحاح: مادة خزع.
(2) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 252.
(3) في نسخة زيادة: المهاجرون.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»