تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٤
تشبيه المشركين بالمسلمين، وتشبيه أعمالهم المحبطة بأعمالهم المثبتة وأن يسوى بينهم، وجعلت تسويتهم ظلما بعد ظلمهم بالكفر، أي: هم * (أعظم درجة عند الله) * من غيرهم من المؤمنين الذين لم يفعلوا هذه الأشياء * (وأولئك هم الفائزون) * المختصون بالفوز، ونكر المبشر به من الرحمة والرضوان والنعيم المقيم، لوقوع ذلك وراء صفة الواصف وتعريف المعرف.
* (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون (23) قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموا ل اقترفتموها وتجرة تخشون كسادها ومسكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين (24)) * لما أمر المؤمنون بالهجرة وأرادوا أن يهاجروا، فمنهم من تعلقت به زوجته، ومنهم من تعلق به أبواه وأولاده، فكانوا يمنعونهم من الهجرة فيتركونها لأجلهم، فبين سبحانه أن أمر الدين مقدم على النسب، وإذا وجب قطع قرابة الوالدين والولد فالأجنبي أولى * (إن استحبوا الكفر) * أي: اختاروه * (على الإيمان) *.
وفي الحديث: " لا يجد أحدكم طعم الايمان حتى يحب في الله ويبغض في الله " (1).
وقرئ: * (عشيرتكم) * على الواحد (2)، * (فتربصوا حتى يأتي الله بأمره) * وعيد، عن الحسن: بعقوبة عاجلة أو آجلة (3)، وهذه آية شديدة كلف المؤمن

(1) رواه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 257 مرسلا، ونحوه البيهقي في السنن: ج 10 ص 232.
(2) الظاهر أن المصنف قد اعتمد قراءة الجمع، أي بألف بعد الراء هنا.
(3) تفسير الحسن البصري: ج 1 ص 411.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»