تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٦٢
أن الله مع المتقين (36)) * * (في كتب الله) * أي: في اللوح المحفوظ، أو في القرآن، أو فيما أثبته من حكمه ورآه حكمة وصوابا * (منها أربعة حرم) * ثلاثة سرد: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وواحد فرد وهو رجب، ومنه قوله صلوات الله عليه في خطبته في حجة الوداع: " ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة:
اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم " (1).
والمعنى: رجعت الأشهر إلى ما كانت عليه، وعاد الحج في ذي الحجة، وبطل النسئ الذي كان في الجاهلية * (ذلك الدين القيم) * يعني: أن تحريم الأشهر الأربعة هو الدين المستقيم: دين إبراهيم وإسماعيل، وكانت العرب قد تمسكت به وراثة منهما، وكانوا يعظمون الأشهر الحرم، ويحرمون القتال فيها، حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه (2) لم يهجه، وسموا رجبا: الأصم (3) ومنصل الأسنة (4) حتى أحدثوا النسئ فغيروا، وقيل: ذلك الحساب القيم لا ما أحدثوه من النسئ (5) * (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) * بأن تجعلوا حرامها حلالا * (كآفة) * حال من الفاعل أو المفعول * (مع المتقين) * أي: ناصرهم، حثهم على التقوى بضمان النصرة لأهلها.
* (إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما

(١) السيرة النبوية لابن هشام: ج ٤ ص ٢٥١، السيرة الحلبية للحلبي الشافعي: ج ٣ ص ٢٥٦، الكشاف: ج ٢ ص ٢٦٩، تفسير البغوي: ج ٢ ص ٢٩٠، تفسير القرطبي: ج ٨ ص ١٣٣.
(٢) في نسخة زيادة: وأخيه.
(٣) قال الفيومي: إنما سمي شهر رجب بالأصم لأنه كان لا يسمع فيه حركة قتال ولا نداء مستغيث. المصباح المنير: مادة " صمت ".
(4) وقال: المنصل من أنصله، أي نزع نصله، والمراد: أن شهر رجب حيث إنهم لا يقاتلون فيه فكأنه هو الذي نزع نصل الأسنة. انظر المصدر نفسه: مادة نصل.
(5) قاله ابن قتيبة. راجع تفسير الماوردي: ج 2 ص 360.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»