الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٩١
إنا أعطيناك الكوثر. فصل لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر.
____________________
إنه نهر في الجنة وعدنيه ربي فيه خير كثير " وروي في صفته " أحلى من العسل وأشد بياضا من اللبن وأبرد من الثلج وألين من الزبد، حافتاه الزبرجد وأوانيه من فضة عدد نجوم السماء " وروي " لا يظمأ من شرب منه أبدا، أول وارد به فقراء المهاجرين الدنسو الثياب الشعث الرؤوس الذين لا يزوجون المنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد، يموت أحدهم وحاجته تتلجلج في صدره لو أقسم على الله لأبره " وعن ابن عباس أنه فسر الكوثر بالخير الكثير، فقال له سعيد بن جبير: إن ناسا يقولون هو نهر في الجنة، فقال هو من الخير الكثير. والنحر نحر البدن.
وعن عطية: هي صلاة الفجر بجمع والنحر بمنى، وقيل صلاة العيد والتضحية، وقيل هي جنس الصلاة، والنحر وضع اليمين على الشمال، والمعنى: أعطيت ما لا غاية لكثرته من خير الدارين الذي لم يعطه أحد غيرك، ومعطي ذلك كله أنا إله العالمين فاجتمعت لك الغبطتان السنيتان إصابة أشرف عطاء وأوفره من أكرم معط وأعظم منعم، فاعبد ربك الذي أعزك بإعطائه وشرفك وصانك من منن الخلق مراغما لقومك الذين يعبدون غير الله، وانحر لوجهه وباسمه إذا نحرت مخالفا لهم في النحر للأوثان (إن) من أبغضك من قومك لمخالفتك لهم (هو الأبتر) لا أنت لأن كل من يولد إلى يوم القيامة من المؤمنين فهم أولادك وأعقابك وذكرك مرفوع على المنابر والمنار وعلى لسان كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر، يبدأ بذكر الله ويثنى بذكرك ولك في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف، فمثلك لا يقال له أبتر، وإنما الأبتر هو شانئك المنسي في الدنيا والآخرة، وإن ذكر ذكر باللعن، وكانوا يقولون: إن محمدا صنبور إذا مات مات ذكره. وقيل نزلت في العاص بن وائل وقد سماه الأبتر، والأبتر: الذي لا عقب له، ومنه الحمار الأبتر: الذي لا ذنب له. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الكوثر سقاه الله من كل نهر في الجنة، ويكتب له عشر حسنات بعدد كل قربان قربه العباد في يوم النحر أو يقربونه ".
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»